للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قطعًا. ومنازعونا يقولون: مثل هذا السجود حرام, فكيف يمدحهم ويُثني عليهم بما لا يجوز؟!

فإن قيل: شرعُ مَن قبلنا ليس بشرع لنا.

قيل: قد احتجَّ الأئمةُ الأربعةُ بشرع مَن قبلنا, وذلك منصوص عنهم أنفُسِهم في غير موضع.

قالوا: سلمنا, لكن ما لم يَرِد شرعُنا بخلافه.

قال المُجوِّزون: فأين ورد في شرعنا خلافُه؟

قالوا: وأيضًا فأفضل أجزاء الصلاة وأقوالها هو القراءة, وتُفْعَل بلا وضوء, [ق ١٠] فالسجود أولى.

قالوا: وأيضًا فالله سبحانه وتعالى أثنى على كُلِّ مَن سَجَد عند التلاوة, فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا} [الإسراء: ١٠٧]، وهذا يدلّ على أنهم سجدوا عَقِب تلاوته بلا فصل, وسواءٌ كانوا بوضوء أو بغيره؛ لأنه أثنى عليهم بمجرَّد السجود عقب التلاوة, ولم يشترط وضوءًا. وكذلك قوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: ٥٨].

قالوا: وكذلك سجود الشكر مستحبٌّ عند تجدّد النّعَم المُنتظرة. وقد تظاهرت السنةُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله في مواضع متعدّدة (١) , وكذلك


(١) منها حديث البراء - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرّ ساجدًا حين جاءه كتاب علي - رضي الله عنه - من اليمن بإسلام هَمْدان. رواه البيهقي في "السنن": (٢/ ٣٦٩) وقال: "هذا إسناد صحيح، قد أخرج البخاري صدره فلم يسقه بتمامه، وسجود الشكر في تمام الحديث صحيح على شرطه".