للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصحابه (١) , مع ورود الخبرِ السارِّ عليهم بغتةً, وكانوا يسجدون عَقِبه, ولم يُؤمروا بوضوء, ولم يُخبِروا أنه لا يُفْعَل إلا بوضوء. ومعلوم أنَّ هذه الأمور تَدْهَم العبد وهو على غير طهارة، فلو تركها لفاتت مصلحتها.

قالوا: ومن الممتنع أن يكون الله تعالى قد أذن في هذا السجود وأثنى على فاعله وأطلق ذلك, وتكون الطهارةُ شرطًا فيه, ولا سَنَّها ولا يأمر بها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه, ولا رُويَ عنه في ذلك حرفٌ واحد.

وقياسه على الصلاة ممتنع لوجهين:

أحدهما: أن الفارق بينه وبين الصلاة أظهر وأكثر من الجامع, إذ لا قراءة فيه ولا ركوع, ولا فرضًا (٢)، ولا سنة ثابتة بالتسليم، ويجوز أن يكون القارئ خلف الإمام فيه, ولا مصافّة فيه. وليس إلحاق محلّ النزاع بصور الاتفاق أولى من إلحاقه بصور الافتراق.

الثاني: أن هذا القياس إنما ينفع (٣) ــ لو كان صحيحًا ــ إذا لم يكن الشيء المقيس قد فُعِل على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم تقع الحادثة, فيحتاج المجتهد أن يُلْحقها بما وقع على عهده - صلى الله عليه وسلم - من الحوادث أو شَمِلها نصُّه,


(١) كما في قصة كعب بن مالك - رضي الله عنه - في حديث توبته، أنه لما بلغته البشارة خرَّ ساجدًا. أخرجه البخاري (٤٤١٨)، ومسلم (٧٦٩).
(٢) كذا في الأصل، وفوق الكلمة إشارة من الناسخ استشكالًا لها، ولعلها: "ولا رفعًا".
(٣) ط. الفقي: "يمتنع"، وهي غير محررة في الأصل، وهي أقرب إلى ما أثبتنا رسمًا ومعنى.