للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المؤمنين عن قصة الكافر يجيب (١) به أبناؤها عن الحديث الذي استدركته.

ثم سلكوا في ذلك طرقًا:

أحدها: أن ذلك خاص بمن أوصى أن يُناح عليه، فيكون النَّوح عليه بسبب فعله، ويكون هذا جاريًا على المتعارف من عادة الجاهلية، كما قال قائلهم (٢):

إذا متُّ فانْعَيني بما أنا أهله ... وشُقِّي عليَّ الجيبَ يا ابنةَ مَعْبد

وهو كثير في شعرهم. وأما من لم يتسبب إلى ذلك بوصية ولا غيرها فلا يتناوله الحديث.

وهذا ضعيف من وجهين:

أحدهما: أن اللفظ عام.

الثاني: أن عمر والصحابة فهموا منه حصول ذلك وإن لم يُوصِ به.

ومن وجه آخر: وهو أن الوصية بذلك حرام يستحق بها التعذيبَ نِيح عليه أم لا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما علّق التعذيب بالنياحة لا بالوصية.

المسلك الثاني: أن ذلك خاص بمن كان النوح من عادته وعادة قومه وأهله، وهو يعلم أنهم ينوحون عليه إذا مات. فإذا لم ينههم كان رضًى منه بفعلهم، وذلك سبب عذابه. وهذا مسلك البخاري في «صحيحه» (٣)، فإنه


(١) في الأصل: «يجيبه»، تصحيف أو سبق قلم، والتصحيح من الطبعتين.
(٢) هو طَرَفة بن العبد في معلّقته.
(٣) كتاب الجنائز (٣/ ١٥٠ - الفتح).