إلا حصول الفائدة، ورأي المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواضع الفائدة، فتتبعوها، فمن مُقِلٍّ مُخِلٍّ، ومن مُكْثِرٍ مُورِدٍ ما لا يصح أو مُعَدِّدٍ لأمور متداخلة. ا. هـ.
ويؤخذ من هذين النصين ما يلي:
أولا: أن الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، تقول:"الصداقةُ الوفاءُ والإخلاص فأنت وفيٌّ وأنا مخلصٌ فنحن أصدقاء.
ثانيا: أن الأصل في المبتدأ ألا يكون نكرة، فإن الاستعمال لا يقبله والنطق بذلك لا يفيد، فلا تقول مثلا "صديقٌ وفيٌّ، أو الوفي" على أن كلمة "صديق" مبتدأ وما بعدها خبر؛ لأن ذلك لا يفيد شيئًا مقنعًا.
ثالثا: خرج عن هذا الأصل السابق ما إذا أفادت النكرة، فإنه يصح الابتداء بها، ومعنى الفائدة: أن تكون الجملة التي استخدمت فيها النكرة مؤدية معنى مفيدًا يقبله الاستعمال، ويقنع به السامع، كما تقول: "في الصّدقِ نجاةٌ وفي الكذبِ هلاكٌ" وكما تقول: "عملٌ صغير دائم خيرٌ من عملٍ شاقٍ منقطع" أو "مرحُ ساعةٍ مجدّدٌ للنشاطِ كلَّ اليوم"، وإلى هنا اتفق النحاة.
لكن، تحديد مواضع الفائدة أو بعبارة أخرى: تتبع صور استعمال النكرة "مبتدأ" في اللغة العربية هو الذي اختلف حوله الاجتهاد، والأمر -كما قال الأشموني- موزع بين "من مُقِلٍّ مُخِلٍّ، ومن مُكْثِرٍ مُورِدٍ ما لا يصح أو مُعَدِّدٍ لأمور متداخلة".
وعلى كل حال، فلنختر مما ذكر عشرة مواضع هي -فيما أظن- من أكثر مواضع استعمال النكرة المفيدة في الابتداء:
١ - أن يكون الخبر شبه جملة مفيدًا متقدمًا على مبتدأ، مثل "عند