للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهمزة بكلمة "سواء" ويكون القصد من الجملة استواء أمرين متقابلين فيها تقول: "الإنسانُ النظيفُ يؤدي الواجبَ سواءٌ أثقلَ عِبْئُه أم هانَ وهو يبحث عن الاحترام سواءٌ أكرِهَهُ الناسُ أمْ أحبُّوه" ومن ذلك قول القرآن: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ﴾ (١)، وقول متمم بن نويرة في رثاء أخيه "مالك":

ولستُ أبَالِي بعد فَقْدِيَ مَالِكًا … أَمَوْتِيَ ناءٍ أم هو الآن وَاقعُ (٢)

فإن جملة "لست أبالي" تساوي تمامًا كلمة "سواء" في المعنى.

وتسمى همزة الاستفهام هنا "همزة التسوية"، والحرف "أم" لعطف الجمل الاسمية أو الفعلية التي تؤول بعد ذلك -فيما يقال- بمصادر متعاطفة.

الثالثة: ما كانت في غير الصورتين السابقتين، ويكون القصد من الجملة التي وردت فيها صرف النظر عن الكلام السابق عليها، والاتجاه إلى ما ورد بعدها، كقولك: "هل يستوي السموُّ والخسة أم هل يستوي النفع والضرر".

وقول القرآن: ﴿هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ﴾ (٣) وقول عمر بن أبي ربيعة:


(١) من الآية ٦ من سورة البقرة.
(٢) ناء: بعيد الوقوع.
يقول: لا أبالي متي يأتي الموت بعد ما فقدت أخي، فلم يعد للحياة طعم دونه.
الشاهد: في "لست أبالي" فإنها بمنزلة "سواء" في المعنى، وجاء بعدها همزة التسوية و "أم" التي عطفت جملة على جملة في "أموتي ناء أم هو الآن واقع" وكلا المتعاطفين جملة اسمية.
(٣) الآية ١٦ من سورة الرعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>