للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ليت أنِّي يومَ تُقْضَى مَنِيَّتِي … لَثَمْتُ الذي ما بين عينيك والفَمِ

وليت طَهُورِي كان ريقَكِ كلَّه … وليتَ حَنُوطِي من مُشَاشِك والدّمِ

وليت سُلَيْمَى في المنام ضجيعتي … هنالك أم في جنةٍ أم جهنّمِ (١)

والحرف "أم" في هذه الصورة "حرف ابتداء" ويعبر عنه المعربون بقولهم "حرف يفيد الإضراب" ومعناه الإضراب عما سبقه والاتجاه لما بعده، ولذلك تعتبر الجملة التي بعده جملة جديدة مستقلة.

وبناء على ما سبق يمكن فهم المقصود من وصف "أم" بأنها متصلة أو منقطعة.

فالمتصلة: هي ما كان الكلام بعدها ذا صلة بما قبلها، ويتحقق هذا في الصورتين الأولى والثانية، وهذه عاطفة كما سبق.

والمُنْقَطِعَة: ما كان الكلام بعدها لا صلة له بما قبلها، لصرف النظر


(١) يوم تقضى منيتي: يوم موتي، لثمت: قبلت، حنوطي: الطيب الذي يوضع على جسد الميت، مشاشك: المشاش: العظام اللينة، ضجيعتي: مشاركة في المضجع.
المعنى: أمنية غريبة يصور بها شدة حبه، إذ يتمنى حين يموت أن يقبل ما بين عينيها وفمها، وأن يكون ريقها طهوره ومشاشها ودمها طيبه، بل إنه ليتمنى ما هو أكثر، بأن يضاجعها في نومه أو بعد موته في الجنة أو النار لا يهم ما دامت هي بحانبه.
الشاهد: في قوله: "هنالك أم في جنة أم جهنم" فإن "أم" في هذا الشطر منقطعة تفيد "الإضراب" فهي بمعنى "بل" ولذلك يعتبر ما بعدها جملة كاملة وهي هنا كذلك، فالجار والمجرور بعدها خبر "ليت" المحذوفة مع اسمها وتقدير الكلام "ليت سليمى ضجيعتي هنالك أم ليتها في جنة أم ليتها في جهنم".

<<  <  ج: ص:  >  >>