إذ كان، أدام الله علوّه، علم العلم في زماننا، وعين أعيان أهل عصرنا وأواننا، وأعدت إليه ما استفدته منه، وروى عني ما رويته عنه، فأحسن الله عنا جزاءه، وأدام عزّه وعلاءه، بمحمد وآله الكرام.
وقد قدّمت، أمام الغرض من هذا الكتاب، خمسة أبواب بها يتمّ فضله، ويغزر وبله:
الباب الأول: في ذكر صورة الأرض وحكاية ما قاله المتقدمون في هيئتها، وروينا عن المتأخرين في صورتها.
الباب الثاني: في وصف اختلافهم في الاصطلاح على معنى الإقليم وكيفيته واشتقاقه ودلائل القبلة في كل ناحية.
الباب الثالث: في ذكر ألفاظ يكثر تكرار ذكرها فيه يحتاج إلى معرفتها كالبريد والفرسخ والميل والكورة وغير ذلك.
الباب الرابع: في بيان حكم الأرضين والبلاد المفتتحة في الإسلام وحكم قسمة الفيء والخراج فيما فتح صلحا أو عنوة.
الباب الخامس: في جمل من أخبار البلدان التي لا يختص ذكرها بموضع دون موضع، لتكمل فوائد هذا الكتاب، ويستغنى به عن غيره في هذا الباب.
ثم أعود إلى الغرض فأقسمه ثمانية وعشرين كتابا على عدد حروف المعجم، ثم أقسم كل كتاب إلى ثمانية وعشرين بابا للحرف الثاني للأول، وألتزم ترتيب كل كلمة منه على أول الحرف وثانيه وثالثه ورابعه، وإلى أي غاية بلغ، فأقدّم ما يجب تقديمه بحكم ترتيب: اب ت ث.. على صورته الموضوعة له، من غير نظر إلى أصول الكلمة وزوائدها، لأن جميع ما يرد إنما هي أعلام لمسمّيات مفردة، وأكثرها عجمية ومرتجلة لا مساغ للاشتقاق فيها.
والغرض من هذا الترتيب، تسهيل طريق الفائدة من غير مشقة، والله المعين على ما اعتمدناه، والمرشد إلى سلوك ما قصدناه، من غير حول منا ولا قوة إلا بالله وحده وسمّيته:«معجم البلدان» ، اسم مطابق لمعناه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وكان الشروع في هذا التبييض في ليلة إِحدى وعشرين من محرم سنة خمس وعشرين وستمائة، والله نسأَل المعونة على إتمامه بمنّه وكرمه.