لكيز لها البحران والسّيف دونها ... وإن يأتها بأس من الهند كارب
تطاير عن أعجاز حوش كأنها ... جهام هراق ماءه فهو آئب
وبكر لها برّ العراق، وإن تخف ... يحل دونها من اليمامة حاجب
وصارت تميم بين قفّ ورملة ... لها من جبال منتأى ومذاهب
وكلب لها خبت فرملة عالج ... إلى الحرّة الرجلاء حيث تحارب
وغسان جنّ غيرهم في بيوتهم ... تجالد عنهم حسّر وكتائب
وبهراء حيّ قد علمنا مكانهم، ... لهم شرك حول الرّصافة لاحب
وغارت إياد في السواد ودونها ... برازيق عجم تبتغي من تضارب
ونحن أناس لا حصون بأرضنا ... مع الغيث ما نلفى ومن هو عازب
ترى رائدات الخيل حول بيوتنا ... كمعزى الحجاز أعوزتها الزرائب
أرى كلّ قوم قاربوا قيد فحلهم، ... ونحن خلعنا قيده فهو سارب
القَضِيبُ:
بلفظ القضيب من الشجر: واد في أرض تهامة، قال بعضهم:
ففرّعنا ومال بنا قضيب
أي علونا، وجاء قضيب في حديث الطفيل بن عمرو الدّوسي: ويوم قضيب كان بين الحارث وكندة، وفي هذا الوادي أسر الأشعث بن قيس، وفيه جرى المثل: سال قضيب بماء أو حديد، وكان من خبره:
أن المنذر بن امرئ القيس تزوّج هند بنت آكل المرار فولدت له أولادا منهم عمرو بن هند الملك، ثم تزوج أختها أمامة فولدت ابنا سماه عمرا، فلما مات المنذر ملك بعده ابنه عمرو بن هند وقسم لبني أمه مملكته ولم يعط ابن أمامة شيئا، فقصد ملكا من ملوك حمير ليأخذ له بحقه فأرسل معه مرادا، فلما كانوا ببعض الطريق تآمروا وقالوا: ما لنا نذهب ونلقي أنفسنا للهلكة، وكان مقدم مراد المكشوح ونزلوا بواد يقال له قضيب من أرض قيس عيلان فثار المكشوح ومن معه بعمرو بن أمامة وهو لا يشعر، فقالت له زوجته: يا عمرو أتيت أتيت، سال قضيب بماء أو حديد، فذهبت مثلا، وكان عمرو في تلك الليلة قد أعرس بجارية من مراد، فقال عمرو: غيري نفّري أي أنك قلت ما قلت لتنفريني به، فذهبت مثلا، وخرج إليهم فقاتلهم فقتلوه وانصرفوا عنه، فقال طرفة يرثيه ويحرض عمرا على الأخذ بثأره:
أعمرو بن هند ما ترى رأي معشر ... أماتوا أبا حسّان جارا مجاورا
فإن مرادا قد أصابوا حريمه ... جهارا وأضحى جمعهم لك واترا
ألا إنّ خير الناس حيّا وهالكا ... ببطن قضيب عارفا ومناكرا
تقسّم فيهم ماله وقطينه ... قياما عليهم بالمآلي حواسرا
ولا يمنعنك بعدهم أن تنالهم، ... وكلّف معدّا بعدهم والأباعرا
ولا تشربنّ الخمر إن لم تزرهم ... جماهير خيل يتّبعن جماهرا
قِضِينُ:
بالكسر والتخفيف، وآخره نون، وقد ذكر تفسيره في قضة قبل، ذو قضين: واد في شعر أمية