للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجلّ من الخراسانيّ وأثقل وأنقى، وقد اختبرناه فتقرر من الثلاثين واحد في كيان الفضة المعدنية، ولم نجد ذلك في الشرق، وأما فضتها فإنها تعزّ بعزّة الفحم عندهم، وهذه المدينة يحيط بها سور وبها بحير في وسطها لا يدرك قراره، وإني أرسبت فيه أربعة عشر ألف ذراع وكسورا من ألف فلم تستقر المثقلة ولا اطمأنت، واستدارته نحو جريب بالهاشمي، ومتى بلّ بمائه تراب صار في الوقت حجرا صلدا، ويخرج منه سبعة أنهار، كلّ واحد منها ينزل على رحى ثم يخرج تحت السور، وبها بيت نار عظيم الشأن عندهم، منها تذكى نيران المجوس من المشرق إلى المغرب، وعلى رأس قبّته هلال فضة هو طلسمه وقد حاول قلعة خلق من الأمراء فلم يقدروا، ومن عجائب هذا البيت أن كانوا يوقدون فيه منذ سبعمائة سنة فلا يوجد فيه رماد البتة ولا ينقطع الوقود عنه ساعة من الزمان، وهذه المدينة بناها هرمز بن خسروشير بن بهرام بكلس وحجر، وعند هذا البيت إيوانات شاهقة وأبنية عظيمة هائلة، ومتى قصد هذه المدينة عدوّ ونصب المنجنيق على سورها فإن حجره يقع في البحيرة التي ذكرناها، فإن أخّر منجنيقه ولو ذراعا واحدا وقع الحجر خارج السور، قال: والخبر في بناء هذه المدينة أن هرمز ملك الفرس بلغه أن مولودا مباركا يولد في بيت المقدس في قرية يقال لها بيت لحم وأن قربانه يكون دهنا وزيتا ولبانا، فأنفذ بعض ثقاته بمال عظيم وحمل معه لبانا كثيرا وأمره أن يمضي به إلى بيت المقدس ويسأل عن هذا المولود فإذا وقف عليه دفع الهدية إلى أمّه وبشرها بما يكون لولدها من الشرف والذكر وفعل الخير ويسألها أن تدعو له ولأهل مملكته، ففعل الرجل ما أمر وسار إلى مريم، عليها السلام، فدفع إليها ما وجّه به معه وعرّفها بركة ولدها، فلما أراد الانصراف عنها دفعت إليه جراب تراب وقالت له: عرّف صاحبك أنّه سيكون لهذا التراب نبأ، فأخذه وانصرف، فلما صار إلى موضع الشيز، وهو إذ ذاك صحراء، مرض وأحسّ بالموت فدفن الجراب هناك ثم مات، فاتصل الخبر بالملك، فتزعم الفرس أنه وجّه رجلا ثقة وأمره بالمضي إلى المكان الذي مات فيه ويبني بيت نار، قال: ومن أين أعرف مكانه؟ قال: امض فلن يخفى عليك، فلما وصل إلى الموضع تحيّر وبقي لا يدري أي شيء يصنع، فلما أجنّه الليل رأى نورا عظيما مرتفعا من مكان القبر فعلم أنه الموضع الذي يريده، فسار إليه وخطّ حول النور خطّا وبات، فلما أصبح أمر بالبناء على ذلك الخط فهو بيت النار الذي بالشيز، قال عبيد الله الفقير إليه مؤلف هذا الكتاب:

هذا كله عن أبي دلف مسعر بن المهلهل الشاعر وأنا بريء من عهدة صحته فإنّه كان يحكى عنه الشريد والكذب وإنما نقلته على ما وجدته، والله أعلم، وقد ذكر غيره أن بالشيز نار أذرخش، وهو بيت معظم عند المجوس كان إذا ملك ملك منهم زاره ماشيا، وأهل المراغة وتلك النواحي يسمون هذا الموضع كزنا، والله أعلم.

[الشيطا:]

موضع في قول أبي دؤاد الإيادي حيث قال:

واذكرن محبس اللبون وأرجو ... كلّ يوم حياء من في القبور

الشَّيْطانُ:

بالفتح ثم السكون، وآخره نون، بلفظ الشيطان الرجيم، والعرب تسمي كلّ عات متمرد من الجن والإنس والدوابّ شيطانا، قال جرير:

وهنّ يهوينني إذ كنت شيطانا

وشيطان: بطن من بني تميم ينسب إليهم محلة بالكوفة،

<<  <  ج: ص:  >  >>