للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأصبح عهدهم كمقصّ قرن ... فلا عين تحسّ ولا إثار

فإنك لا يضيرك بعد حول ... أظبي كان خالك أم حمار

فقد لحق الأسافل بالأعالي، ... وعاج اللّؤم واختلف النّجار

وعاد العبد مثل أبي قبيس، ... وسيق من المعلهجة العشار

قال: فإن قرنا جبل صعب أملس ليس فيه أثر ولا مقصّ، يقال: قرن مقص للأثر يريد يقص فيه الأثر.

المُقَطَّعَةُ:

قال حمزة: هو اسم قرية من قرى قمّ وقاشان وفارسيّها أقجوى، ويزعمون أن مزدك الزنديق اشترى بقية هذه القرية بدراهم مقطّعة تزلق من ثقب المنخل وتسمى أقجوى.

المُقَطَّمُ:

بضم أوله، وفتح ثانيه، وتشديد الطاء المهملة وفتحها، وميم: وهو الجبل المشرف على القرافة مقبرة فسطاط مصر والقاهرة، وهو جبل يمتد من أسوان وبلاد الحبشة على شاطئ النيل الشرقي حتى يكون منقطعه طرف القاهرة ويسمى في كل موضع باسم وعليه مساجد وصوامع للنصارى لكنه لا نبت فيه ولا ماء غير عين صغيرة تنزّ في دير للنصارى بالصعيد، وقد ذكر قوم أنه جبل الزبرجد، والله أعلم، والذي يتصوّر عندي أن هذا اسم أعجميّ فإن كان عربيّا فهو من القطم وهو العضّ بأطراف الأسنان، والقطم: تناول الحشيش بأدنى الفم، فيجوز أن يكون المقطّم الذي قطم حشيشه أي أكل لأنه لا نبات فيه، أو يكون من قولهم فحل قطم وهو شدّة اغتلامه فشبّه بالفحل الأغلم لأنه اغتلم أي هزل فلم يبق فيه دسم، وكذلك هذا الجبل لا ماء فيه ولا مرعى، قال الهنائيّ: المقطم مأخوذ من القطم وهو القطع كأنه لما كان منقطع الشجر والنبات سمي مقطّما، قلت: وهذا شيء لم أكن وقعت عليه عند ما استخرجته وذكرته قبل، ثم وقع لي قول الهنائي فقارب ما ذهبت إليه، والله أعلم والحمد لله على التوفيق وإيّاه أسأل الهداية في جميع ما أعتمده إلى سواء الطريق، وظهر لي بعد وجه آخر حسن وهو أن هذا الجبل كان عظيما طويلا ممتدّا وله في كل موضع اسم يختصّ به فلما وصل إلى هذا الموضع قطم أي قطع عن الجبال فليس بعده إلا الفضاء، هذا من طريق اللغة، وأما أهل السير فقال القضاعي: سمي بالمقطم بن مصر ابن بيصر وكان عبدا صالحا انفرد بعبادة الله تعالى في هذا الجبل فسمي به، وليس بصحيح لأنه لا يعرف لمصر ابن اسمه المقطّم، وروى عبد الرحمن بن عبد الحكم عن الليث بن سعد قال: سأل المقوقس عمرو ابن العاص أن يبيعه سفح المقطم بسبعين ألف دينار فتعجّب عمرو من ذلك وقال: أكتب بذلك إلى أمير المؤمنين، فكتب بذلك إلى عمر فكتب إليه أن سله لم أعطاك به ما أعطاك وهي أرض لا تزرع ولا يستنبط فيها ماء ولا ينتفع بها؟ فقال: إنّا نجد صفتها في الكتب وأنها غراس الجنة، فكتب إلى عمر بذلك فكتب إليه عمر: إنّا لا نجد غراس الجنة إلا للمؤمنين فاقبر فيها من مات قبلك من المؤمنين ولا تبعه بشيء، فكان أول من قبر فيها رجل من المعافر يقال له عامر فقيل عمرت، فقال المقوقس لعمرو:

ما على هذا عاهدتني، فقطع لهم الحدّ الذي بين المقبرة وبينهم يدفن فيه النصارى، وقبر في مقبرة المقطم من أصحاب رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، عمرو ابن العاص وعبد الله بن الحارث الزّبيدي وعبد الله ابن حذافة السهمي وعقبة بن عامر الجهني، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>