فيجوز أن يسمى الموضع الذي يكثر ذلك فيه الغيقة، قال أبو محمد الأسود: إذا أتاك عيقة في شعر هذيل فهو بالعين المهملة، وإذا أتاك في شعر كثير فهو بالغين المعجمة: وهو موضع بظهر حرّة النار لبني ثعلبة بن سعد بن ذبيان، قال كثيّر:
فلما بلغن المنتضى بين غيقة ... ويليل مالت فاحزألّت صدورها
وقيل: غيقة بين مكة والمدينة في بلاد غفار، وقيل:
غيقة خبت في ساحل بحر الجار فيه أودية ولها شعبتان إحداهما ترجع فيها والأخرى في يليل وهو بوادي الصفراء، قال ابن السكيت: غيقة حساء على شاطئ البحر فوق العذيبة، وقال في موضع آخر: في غيقة مويهة عليها نخل بطرف جبل جهينة الأشعر. وغيقة أيضا: سرّة واد لبني ثعلبة، وقال كثيّر:
عفت غيقة من أهلها فجنوبها ... فروضة حسمى قاعها فكثيبها
منازل من أسماء لم يعف رسمها ... رياح الثريّا خلفة فضريبها
خلفة أي ريح تخلف الأخرى، والضريب: الجليد.
غَيْلٌ:
بالفتح ثم السكون ثم لام، وهو الماء الذي يجري على وجه الأرض، ومنه الحديث: ما يسقي الغيل ففيه الغيل، والغيل في حديث آخر: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلونه فلا يضرّهم، قالوا: الغيلة هو الغيل وهو أن يجامع المرأة وهي مرضع، وقيل: أن ترضع الطفل أمّه وهي حامل، والغيل أيضا: الساعد الممتلئ الريّان، وغيل: موضع في صدر يلملم في قول غريب ابن بيئة بن لام:
لعمري لقد أبكت قريم وأوجعوا ... بجزعة بطن الغيل من كان باكيا
وغيل أيضا: موضع قرب اليمامة، قال بعضهم:
يبري لها من تحت أرواق الليل ... غملّس ألزق من حمى الغيل
والغيل أيضا: واد لبني جعدة في جوف العارض يسير في الفلج وبينهما مسيرة يوم وليلة. والغيل غيل البرمكي: وهو نهر يشق صنعاء اليمن، وفيه يقول شاعرهم:
وا عويلا! إذا غاب الحبيب ... عن حبيبه إلى من يشتكي؟
يشتكي إلى والي البلد ... ودموعه مثل غيل البرمكي
وهذا شعر غير موزون وهو مع ذلك ملحون أوردناه كما سمعناه من الشيخ أبي الربيع سليمان بن عبد الله الرّيحاني صديقنا، أيده الله، وأنشد أبو علي لأبي الجيّاش:
والغيل شطّان حلّ اللؤم بينهما، ... شطّ الموالي وشطّ حلّه العرب
تغلغل اللؤم في أبدان ساكنه ... تغلغل الماء بين اللّيف والكرب
وقال أبو زياد: الغيل فلج من الأفلاج، وقد مرّ الفلج في موضعه، وقال نصر: الغيل واد لجعدة بين جبلين ملآن نخيلا وبأعلاه نفر من بني قشير وبه منبر، وبينه وبين الفلج سبعة فراسخ أو ثمانية، والفلج قرية عظيمة لجعدة، وقال البحتري الجعدي:
ألا يا ليل قد برح النهار، ... وهاج الليل حزنا والنهار