للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاكت يد القطر في أفنانها حللا ... من كل نور شنيب الثغر مبتسم

إذا الصّبا حرّكت أنوارها اعتنقت ... وقبّلت بعضها بعضا فما بفم

فطال ما نشّرت كفّ الربيع بها ... بهار كسرى مليك العرب والعجم

معَرَّةُ النُّعْمَانِ:

ذكر اشتقاق المعرّة في الذي قبله، والنعمان هو النعمان بن بشير صحابيّ اجتاز بها فمات له بها ولد فدفنه وأقام عليه فسميت به، وفي جانب سورها من قبل البلد قبر يوشع بن نون، عليه السّلام، في بريّة فيما قيل، والصحيح أن يوشع بأرض نابلس، وبالمعرة أيضا قبر عبد الله بن عمّار بن ياسر الصحابي، ذكر ذلك البلاذري في كتاب فتوح البلدان له، وهذا في رأيي سبب ضعيف لا تسمى بمثله مدينة، والذي أظنه أنها مسمّاة بالنعمان وهو الملقب بالساطع ابن عدي بن غطفان بن عمرو بن بريح بن خزيمة بن تيم الله وهو تنوخ بن أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة: وهي مدينة كبيرة قديمة مشهورة من أعمال حمص بين حلب وحماة ماؤهم من الآبار وعندهم الزيتون الكثير والتين ومنها كان أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعرّي القائل:

فيا برق ليس الكرخ داري، وإنما ... رماني إليها الدهر منذ ليال

فهل فيك من ماء المعرّة قطرة ... تغيث بها ظمآن ليس بسال؟

ومن المعرّيين أيضا القاضي أبو القاسم الحسن بن عبد الله ابن محمد بن عمرو بن سعيد بن محمد بن داود بن المطهّر ابن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم بن الساطع وهو النعمان، وباقي النسب قد تقدم، التنوخي المعرّي الحنفي العاجي، ولد لثمان وعشرين ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة ٣٤٩، وحدّث وروي عنه، وحجّ في سنة ٤١٩ على طريق دمشق، فمات بوادي مرّ لعشرين ليلة خلت من ذي القعدة من السنة وحمل إلى مدينة الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، ودفن بالبقيع، وله مصنفات ووصايا وأشعار، فمن شعره قوله:

إنع إلى من لم يمت نفسه، ... فإنه عمّا قليل يموت

ولا تقل فات فلان، فما ... في سائر العالم من لا يفوت

ألا ترى الأجداث مملوّة ... لمّا خلت من ساكنيها البيوت؟

فاقنع بقوت، حسب من لم يكن ... مخلّدا في هذه الدار قوت

ولا يكن نطقك إلا بما ... يعنيك في الذّكرة أو في السكوت

وله أيضا:

وكلّ أداويه على حسب دائه، ... سوى حاسدي فهي التي لا أنالها

وكيف يداوي المرء حاسد نعمة ... إذا كان لا يرضيه إلّا زوالها؟

المَعْشُوقُ:

المفعول من العشق: وهو اسم لقصر عظيم بالجانب الغربي من دجلة قبالة سامرّاء في وسط البرّية باق إلى الآن ليس حوله شيء من العمران يسكنه قوم من الفلّاحين إلا أنه عظيم مكين محكم لم يبن في تلك البقاع على كثرة ما كان هناك من القصور غيره، وبينه وبين تكريت مرحلة، عمّره المعتمد

<<  <  ج: ص:  >  >>