للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كرمل بالقرب من حمضة وذلك حد ما بين كنانة واليمن من بطن تهامة، قلت أنا: هذا الخط من البحر الهندي إلى البحر اليمني عرضا في البريّة من الشرق إلى جهة الغرب، قال: وأما إحاطة البحر باليمن من ناحية دما، قلت أنا: دما من أوائل بلاد عمان من جهة الشمال، قال: فطنوى فالجمحة فرأس الفرتك فأطراف جبال اليحمد فما سقط منها وانقاد إلى ناحية الشحر فالشحر فغبّ الخيس فغب العبب بطن من مهرة فغب القمر بطن من مهرة، بلفظ قمر السماء، فغب الغفار بطن من مهرة فالخيرج فالأشفار، وفي المنتصف من هذا الساحل شرقيّا بين عدن وعمان ويسوف، وقد ذكرت في مواضعها، ثم ينعطف البحر على اليمن مغربا وشمالا من عدن فيمر بساحل لحج وأبين وكثيب برامس وهو رباط وبسواحل بني مجيد من المندب فساحل العميرة فالعارة فإلى غلافقة ساحل زبيد فكمران فالعطية فالجردة إلى منفهق جابر، وهو رأس عزيز كثير الرياح حديدها، إلى الشّرجة ساحل بلد حكم فباحة جازان إلى ساحل عثر فرأس عثر، وهو كثير الموج، إلى ساحل حمضة، فهذا ما يحيط باليمن من البحر، وقال أبو سنان اليماني: في اليمن ثلاثة وثلاثون منبرا قديمة وأربعون حديثة، وأعمال اليمن في الإسلام مقسومة على ثلاثة ولاة، فوال على الجند ومخاليفها وهي أدناها، وقال الأصمعي: أربعة أشياء قد ملأت الدنيا ولا تكون إلا باليمن: الورس والكندر والخطر والعصب، قال: وافتخر إبراهيم بن مخرمة يوما بين يدي السفّاح باليمن وكان خالد بن صفوان حاضرا، فلما أطال عليه قال خالد بن صفوان: وبعد فما منكم إلا دابغ جلد أو ناسج برد أو سائس قرد أو راكب عرد، دلّ عليكم هدهد وغرّقتكم جرذ وملكتكم أمّ ولد! فسكت وكأنما ألجمه، قال واجتمع زياد بن عبيد الله الحارثي خال السفّاح بابن هبيرة الفزاري فقال لزياد:؟ فمن الرجل؟ فقال: من اليمن، فقال: أخبرني عنها، فقال: أما جبالها فكروم وورس وسهولها برّ وشعير وذرة، فتغير وجه ابن هبيرة وقال: أليس أبو اليمن قردا؟ قال: إنما يكنى القرد بولده وهو أبو قيس فيوجب ذلك أن يكون أبا قيس عيلان، وكان ابن هبيرة قيسيّا، قال: فاصفرّ وجهه وعرق جبينه من عظم ما لقيه به، ولليمن أخبار ولبلادها أقاصيص ذكرت في مواضعها من هذا الكتاب، وقد يحنّ بعض الأعراب إلى اليمن فيقول:

وإنى ليُحيينى الصَّبا ويُميتنى ... إذا ما جرت بعد العشيّ جنوب

وأرتاح للبرق اليماني كأنني ... له حين يبدو في السماء نسيب

وأرتاح أن ألقى غريبا صبابة ... إليه كأني للغريب قريب

وقال آخر:

أما من جنوب تذهب الغلّ ظلّة ... يمانية من نحو ليلى ولا ركب

يمانون نستوحيهم عن بلادهم ... على قلص يذمى بأحسنها الجدب

وقال آخر:

خليليّ إني قد أرقت ونمتما ... لبرق يمان فاقعدا علّلانيا

خليليّ لو كنت الصحيح وكنتما ... سقيمين لم أفعل كفعلكما بيا

خليليّ مدّا لي فراشي وارفعا ... وسادي لعلّ النوم يذهب ما بيا

<<  <  ج: ص:  >  >>