للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستودعا فيه أيّام الطوفان وهو أحد الأخشبين.

قال السّيّد عليّ (بضم العين وفتح اللام) : هما الأخشب الشرقي والأخشب الغربي هو المعروف بجبل الخطّ (بضم الخاء المعجمة) والخطّ من وادي إبراهيم.

وذكر عبد الملك بن هشام أنه سمّي بأبي قبيس بن شامخ، وهو رجل من جرهم، كان قد وشى بين عمرو بن مضاض وبين ابنة عمّه ميّة، فنذرت أن لا تكلّمه، وكان شديد الكلف بها، فحلف لأقتلنّ أبا قبيس، فهرب منه في الجبل المعروف به، وانقطع خبره، فإما مات وإما تردّى منه، فسمّي الجبل أبا قبيس لذلك، في خبر طويل ذكره ابن هشام صاحب السيرة في غير كتاب السيرة.

وقد ضربت العرب المثل بقدم أبي قبيس، فقال عمرو ابن حسّان أحد بني الحارث بن همّام وذكر الملوك الماضية:

ألا يا أمّ قيس لا تلومي، ... وأبقي، إنما ذا الناس هام

أجدّك هل رأيت أبا قبيس، ... أطال حياته النّعم الرّكام

وكسرى، إذ تقسّمه بنوه ... بأسياف كما اقتسم اللّحام

تمخّضت المنون له بيوم ... أنى، ولكلّ حاملة تمام

وقال أبو الحسين بن فارس: سئل أبو حنيفة عن رجل ضرب رجلا بحجر فقتله، هل يقاد به؟ فقال: لا، ولو ضربه بأبا قبيس، قال: فزعم ناس أن أبا حنيفة، رضي الله عنه، لحن، قال ابن فارس: وليس هذا بلحن عندنا، لأنّ هذا الاسم تجريه العرب مرّة بالإعراب فيقولون جاءني أبو فلان ومررت بأبي فلان ورأيت أبا فلان، ومرّة يخرجونه مخرج قفا وعصا، ويرونه اسما مقصورا، فيقولون: جاءني أبا فلان، ورأيت أبا فلان، ومررت بأبا فلان. ويقولن،: هذه يدا، ورأيت يدا، ومررت بيدا، على هذا المذهب.

وأنشدني أبي رحمه الله يقول:

يا ربّ سار بات ما توسّدا ... إلّا ذراع العيس، أو كفّ اليدا

قال: وأنشدني علي بن ابراهيم القطّان قال أنشدنا أحمد ابن يحيى ثعلب أنشدنا الزبير بن ابي بكر قال أنشد بعض الأعراب يقول:

ألا بأبا ليلى على النّأري والعدى، ... وما كان منها من نوال، وإن قلا

هذا آخر كلامه. ويمكن أن يقال إن هذه اللغة محمولة على الأصل، لأنّ أبو أصله أبو، كما أن عصا وقفا أصله عصو وقفو، فلما تحرّكت الواو وانفتح ما قبلها، قلبوها ألفا بعد إسكانها إضعافا لها، وأنشدوا على هذه اللغة:

إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا، في المجد، غايتاها

وقالت امرأة ولها ولدان:

وقد زعموا أني جزعت عليهما، ... وهل جزع إن قلت وا بأباهما

هما أخوا، في الحرب، من لا أخا له ... إذا خاف يوما نبوة فدعاهما

فهذا احتجاج لأبي حنيفة، إن كان قصد هذه اللغة الشّاذّة الغريبة المجهولة، والله أعلم.

وأبو قبيس أيضا حصن مقابل شيزر معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>