للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما سائرُ العَرَب بعد المُلوك فكانوا أهل مَدَرْ ووَبَرٍ، فلم يكن فيهم عالمٌ مَذْكور، ولا حكيمٌ معروفٌ.

وكانت أديانهم مختلفةٌ (١) وعِلْمُهم الذي كانوا يَفْتَخِرُونَ به علم لِسانهم، ونَظْمِ الأشعار، وتأليف الخُطب، وعلم الأخبار ومَعْرِفة السِّيرِ والأعصار.

قال الهَمْداني (٢): ليسَ يُوصل إلى أحدٍ خَبرٌ من أخبارِ العَرَب والعَجَم إلا بالعَرَب، وذلك أنَّ مَن سكن بمكة أحاطوا بعلم العَرَب العاربة وأخبار أهل الكتاب، وكانوا يدخلون البلاد للتجارات فيعرفون أخبار النّاس، وكذلك من سكن الحيرة وجاورَ الأعاجمَ عَلِمَ أخبارَهُم وأيام حِمْير ومَسِيرها في البلاد، وكذلك من سكن الشامَ خَبَّرَ بأخبارِ الرُّوم وبَني إسرائيل واليونان، ومَن وقعَ في البَحْرين وعُمانَ فعنه أتت أخبار السند والهند وفارس، ومَن سكنَ اليَمَن عَلِمَ أخبار الأمم جميعًا؛ لأنَّه كانَ في ظل الملوكِ السَّيّارة.

والعَرَبُ أصحاب حفظ ورواية، ولهم معرفةٌ بأوقات المطالع والمغارب وأنواء الكواكب وأمطارها؛ لاحتياجهم إليه في المعيشة لا على طريق تَعَلّم الحقائق والتَّدَرّب في العُلوم. وأما علم الفلسفة فلم يمنحهم الله تعالى شيئًا منه ولا هَيَّأ طباعَهُم للعناية به إلا نادِرًا.


(١) كتب المؤلف في حاشية نسخته التعليق الآتي: "منهم من يعبد الشمس والكواكب، ومنهم مَن تَهَوَّد، ومنهم من يعبد الأصنام حتى جاء الإسلام".
(٢) ذكره صاعد في طبقات الأمم نقلًا عن الهمداني، والظاهر أن المؤلف نقله من كتاب صاعد، ص ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>