للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وذَكَر العلّامة الفَنَارِيُّ في تفسير الفاتحة فصلًا مُفيدًا في تعريف هذا العلم، ولا بأس بإيراده، إذ هو مشتمِلٌ على لطائفِ التعريف:

قال مولانا قُطْبُ الدِّين الرّازي في شَرْحه "للكشاف": هو ما يُبحَثُ فيه عن مُراد الله من قُرآنِه المجيد ويَرِدُ عليه أنّ البحث فيه ربّما كان عن أحوال الألفاظ كمباحث القراءات وناسِخيّةِ الألفاظ ومنسوخِيَّتها وأسباب نزولها وترتيب نزولها إلى غير ذلك، فلا يَجمَعُها حَدُّه. وأيضًا، يدخُل فيه البحث في الفقه الأكبر والأصغر عمّا يثبت بالكتاب، فإنه بحث عن مُراد الله تعالى من قرآنه فلا يمنعُه حَدُّه، فكأنّ الشارحَ التَّفْتازانيَّ إِنَّما عَدَلَ عنه لذلك إلى قوله: هُو العِلمُ الباحث عن أحوال ألفاظ كلام الله تعالى من حيثُ الدَّلالة على مُراد الله تعالى. ويَرِدُ على مختاره أيضًا وجوهٌ:

الأول: أنّ البحث المتعلق بألفاظ القُرآن ربّما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان كمباحث علم القراءة عن أمثال التفخيم والإمالة إلى ما لا يحصى، فإنَّ عِلمَ القراءة جزء من علم التفسير أُفرِز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكِحالة من الطِّب والفَرائض من الفقه. وقد خَرَج بقيد الحيثية ولم يجمعه. فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة. قلنا: فلا يناسب الشَّرحُ المشروح للبحث، في التفسير عمّا لا يتغيَّرُ به المعنى في مواضعَ لا تُحصَى (١).

الثاني: أن المراد بالمراد إن كان المراد بمُطلَق الكلام فقد دَخَل العلوم الأدبيّة وإن كان مُراد الله تعالى بكلامه، فإنْ أُريد مراده في نفس الأمر فلا يُفيدُه بحث التفسير؛ لأنّ طريقه غالبًا: إمّا رواية الآحاد أو الدراية بطريق العربية، وكلاهما ظَنِّيٌّ كما عُرِف، ولأنَّ فَهم كلِّ أحد بقدر استعداده، ولذلك أوصَى المشايخ في الإيمان أنْ يُقالَ: آمَنْتُ بالله وبما جاء من عنده على مراده


(١) في الأصل: "لا يحصى".

<<  <  ج: ص:  >  >>