للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال الإمام النووي في "شَرْح مُسلم" (١): اتَّفق العلماء على أنَّ أصح الكتب بعدَ القُرآن الصَّحيحان: صحيح البخاري وصحيح مسلم، وتلقتهما الأُمة بالقبول، وكتابُ البُخاري أصحهما صحيحًا وأكثرهما فوائد، وقد صح أنَّ مُسْلَمًا كان ممَّن يستفيد منه ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث. وهذا الترجيح هو المختارُ الذي قاله الجمهور. ثم إن شَرْطَهما أن يُخرِجا الحديث المتَّفَقَ على ثقةِ نَقَلتِه إِلى الصَّحابي المشهور من غير اختلاف بين الثّقات، ويكونَ إسناده متصلا غير مقطوع وإن كان للصحابي راويان فصاعدًا فَحَسَنٌ، وإن لم يكن له إلا راو واحد إذا صح الطريق إلى ذلك الراوي أخرجاه.

والجمهور على تقديم صحيح البخاري، وما نُقِلَ عن بعض المغاربة من تفضيل صحيح مُسلم محمولٌ على ما يرجع إلى حُسن السياق وجَوْدة الوَضْع والترتيب.

أمّا رَجَحانُه من حيثُ الاتصال فلاشتراطه أن يكونَ الرَّاوي قد ثَبَت له القاءُ مَن روى عنه ولو مرةً، واكتفى مُسلمٌ بمطلق المُعاصرة.

وأَمَّا رَجَحانُه من حيثُ العَدَالةُ والضَّبط فلأنّ الرجال الذين تُكلّم فيهم من رجال مسلم أكثر عددًا من رجال البخاري، مع أن البخاري لم يُكثر من إخراج حديثهم.

وأَمَّا رَجَحانُه من حيثُ عَدَمُ الشُّذوذ والإعلال فما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددًا مما انتقد على مُسلم. وأما التي انتقدت عليهما فأكثرها لا يَقْدح في أصل موضوع الصحيح، فإن جميعها واردةٌ من جهةٍ أخرى، وقد عُلم


(١) المنهاج شرح صحيح مسلم ١/ ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>