للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهي: العربيَّةُ والفارسيَّةُ والسُّريانية والعبرانية. أقول: في كلامه بحث من وجوه، أما أولا فلأنّ الحَصْرَ في العدَدِ المَذْكور غير صحيح إذ الأقلام المتداولة بين الأمم الآن أكثر من ذلك سوى المُنقرِضة، فإنّ مَن نَظَر في كتب القُدَماء المدوّنة باللغة اليونانية واللطينية وكتُبِ أصحابِ علم الحَرْف الذين بَيَّنوا فيها أنواع الأقلام والخطوط عَلِمَ صحة ما قلنا، وهذا الحَصِرُ يُنبئ عن قلة الاطلاع. وأما ثانيًا فلأنَّ (١) قوله خمس منها اضمحلت، ليس بصحيح أيضًا؛ لأنّ اليونانيَّةَ مستعملة في خواص المِلَّة النَّصْرانِيَّة، أعني أهل أقاديميا (٢) المشهورة الواقعة في بلاد إسبانيا وفرانسا ونَمْسَه، وهي ممالك كثيرة، واليونانية أصل علومهم وكتبهم. وأما ثالثًا فلان قوله: وعُدِم من يعرفُها في بلاد الإسلام، وهي: الرُّومِيَّة، كلامٌ سَقِيمٌ أيضًا إذ من يَعرِفُ الرُّومِيَّة في بلاد الإسلام - خصوصًا في بلادنا - أكثر من أن يُحصَى. وينبغي أن يُعلَمَ أنّ الرُّومِيَّةَ المستعملة في زماننا منحرفة من اليونانية بتحريف قليل. وأما القلم (٣) المستعمَلُ بينَ كَفَرَةِ الرُّوم فغيرُ القَلَم اليوناني. وأمّا رابعًا فلان (٤) جَعَلَه الشريانية والعبرانية من المستعملات في بلاد الإسلام ليس كما ينبغي؛ لأنّ السُّرياني خطّ قديم، بل هو أقدمُ الخطوطِ منسوب إلى سُوريَّا وهي البلاد الشاميَّة، وأهلها منقرضونَ، فلم يبقَ منهم أثر كما ثَبَت في التَّواريخ والعبرانيَّةُ: المستعملة فيما بين اليهود، وهي مأخَذُ اللُّغة العربيَّة وخَطُّها، والعبراني يُشبِهُ العربي في اللفظ والخطِّ مشابهةً قليلة.


(١) في م: "فإن"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) كتب المؤلف في حاشية النسخة: "الأقاديميا في تلك البلاد عبارة عن مجمع أهل العلوم كالمدارس في بلادنا"، وقد تقدم شرح المؤلف لها.
(٣) كتب المؤلف في حاشية نسخته التعليق الآتي: "المراد من القلم هو الخط كما هو العبارة فيما بينهم".
(٤) في م: "فإن"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>