للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

معادن كمعادن الذَّهَب والفِضَّة خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام" (١)، وروي عنه أيضًا: "إذا سمعتُم بجبلٍ زالَ عن مكانه فصدقوه، وإذا سمعتُم برجل زالَ عن خُلُقه فلا تُصَدِّقوه؛ فإنه سيعودُ إلى ما جُبِلَ عليه" (٢). وقوله ﷿: ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ [الكهف: ٥٠] ناظر إليه أيضًا.

وأيضًا الأخلاقُ تابعةً للمزاج، والمِزَاجُ غير قابلٍ للتبديل بحيث يَخْرج عن عَرَضِه. وأيضًا السَّيرة تقابل الصُّورة وهي لا تتغير. والجواب: إِنَّ الخُلُق مَلَكة يَصْدُر بها عن النَّفْس أفعال بسهولة من غير فِكْر ورَوَيّة، والمَلَكة كيفية راسخةٌ في النَّفْس لا تزول بسرعة، وهي قسمان: أحدهما طبيعية، والآخر عادية.

أما الأولى فهي أن يكونَ مِزاج الشَّخص في أصل الفِطرة مستعدا لكيفيةٍ خاصة كامنة فيه بحيثُ يتكيفُ بها بأدْنَى سَبَب كالمزاج الحار اليابس بالقياس إلى الغَضَب، والحارّ الرَّطب بالقياس إلى الشَّهوة، والبارد الرَّطب بالنسبة إلى النسيان، والبارد اليابس بالنسبة إلى البلادة.

وأما العادية فهي أن يُزاول في الابتداء فعلا باختياره وبتكرّره والتّمرن عليه تصيرُ مَلَكةً حتى يُصْدر عنه الفعل بسهولةٍ من غير رويةٍ.

ففائدة هذا العلم بالقياس إلى الأولى إبراز ما كان كامنا في النَّفْس، وبالقياس إلى الثّانية تَحْصيلها وإلى هذا يُشير ما رُوي عن النبي : "بعثتُ


(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٢٥٢٦) (١٩٩) من حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وفي (٢٦٣٨) (١٦٠) من حديث يزيد بن الأصم عن أبي هريرة، وله طرق أخرى صحيحة.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٤٥/ ٤٩١ (٢٧٤٩٩)، وإسناده ضعيف، فإنه من رواية الزهري عن أبي الدرداء ولم يدركه، فهو منقطع.

<<  <  ج: ص:  >  >>