تطرق فيها التحريف والتصحيف بكثرة الاستكتاب، وامتثلتُ أمرَهُ بين الإقدام والإحجام لعلمي بما انطوى عليه من الإعجام مع ما فيَّ من العجز والقصور والعيّ والفتور واشتغال الأفكار ومصابرة، الأقدار، فاعتمدتُ على عوائد مولاي الجليل في إقداره الجَمِيل، فشمّرتُ ساعدَ الاجتهاد وأخذتُ في تحرير ما به قد أشاد بعد أن حصلتُ مسودة المؤلف ليكون الغلط من النسّاخ، إذ الغالب عليهم أن يكونوا للكتب مُسَاخ، فتتبعتُ كل ما فيه من كتب ورسائل وحواشٍ وشروح ومراسل بمراجعة كتب الطبقات والتواريخ التي تنوف عن أربع مئة مجلد، حتى جعلتُ كل كتاب بربه مؤيد، وحرّرتُ وفيات المصنفين الأمجاد بعد أن كانت متفاوتة الأعداد، وربما كان بعضهم خلي عن ذكر زمن الوفاة فذكرته ليكون مكمّلًا غير مفتقر لما سواه، وأدرجت على ترتيبه ما صُنِّف بعده مما بَعُد وما فاته من الكتب والحواشي مما يوجد وكل ما ذكر من بعد تاريخ وفاته فهو مضموم، وما فاته (كذا) مصنفه مما ألف قبله فهو مفهوم حتى أشرق بتمامه سنة وقت الإشراق من يوم الأحد الرابع من شهر ربيع الآخر لسنة سبعين ومئة بعد الألف السابع (كذا) فنسأل الله سبحانه أن يجيزنا عليه من كرمه العميم وأن يجزل صلتنا برحمته إنه البر الرؤوف الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما والحمد لله رب العالمين".
إنَّ هذا النص يشير من غير ريب إلى التغيير الكثير الذي أجراه الناسخ على نسخة المؤلف بحيث صار الاعتماد على ما فيه لا يمثل ما كتبه المؤلف في المبيضة أو المسودة.
على أنّ من محاسن هذه الطبعة أنها كانت كثيرًا ما تضع ما يضيفه الناسخ من زيادات بين حاصرتين، ولكن اعتماد فلوجل على هذه النسخة أفسد طبعته.
أما الطبعة التركية فقد زعم القائمون عليها بأنهم اعتمدوا نسخة المؤلف التي بخطه في المبيضة والمسودة، لكن الحق المر الذي يتعين بيانه بأنهم تابعوا الطبعة الأوربية في أكثر عملهم إذا استثنينا من ذلك القسم الخاص بالمبيضة، زيادة على ذلك أنهم غَيّروا الكثير من عبارات المؤلف وتلاعبوا بالنص في آلاف المواضع التي أشرنا في كثير من تعليقاتنا إليها، وزادوا نصوصًا من عندهم، غالبا ما اقتبسوها من نسخة راغب باشا فأقحموها في النسخة، بل أدرجوا في النص ما كان فلوجل في طبعته