للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفصُولَ التي تصيرُ بها هذه الأجساد أنواعًا بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولةٌ، وإذا كان الشيء مجهولًا كيف يمكن أن يُقصَدَ قَصْدَ إيجاده أو إفنائه؟ وذكر الإمامُ حُججًا أُخَرَ للفلاسفة على امتناعها (١) وأبطل بعد ذلك ما قرّر له الشَّيخُ وغيره وقرَّر إمكانَها (٢) واستدلَّ في الملخص أيضًا على إمكانها (٣)، فقال: الإمكانُ العَقْلي ثابتٌ؛ لأنّ الأجسام مشترِكةُ الجِسْميّة، فوجَبَ أن يصح على كلّ واحدٍ منها ما يصح على الكلِّ على ما يَثبُت. وأما الوقوع فلأن انفصال الذهبِ عن غيره باللون والرزانة وكلُّ واحدٍ منهما يمكنُ اكتسابه، ولا منافاة بينهما. نعم، الطريق إليه عسير. وحكى أبو بكر ابن الصائغ المعروف بابن باجة الأندلسي في بعض تعاليقه عن الشيخ أبي نَصْر الفارابي، أنه قال: قد بيّن أرسطو في كتابه في المعادن أن صناعة الكيمياء داخلةٌ تحت الإمكان إلا أنها في الممكن الذي يَعسُرُ وجوده بالفعل، اللهُمَّ إلّا أن يتَفَقَ قرائنُ يَسهُل بها الوجود وذلك أنه فَحَص عنها أوّلًا على طريق الجَدَل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يَكثُرُ عِناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيرًا بقياس أَلَّفَهُ من مقدِّمتَيْن بيّنها في أوَّل الكتاب وهما: أنّ الفلزات (٤) واحدةٌ بالنوع والاختلاف الذي بينهما (٥) ليس في ماهيّاتِها، وإنما هو في أعراضها، فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضُه في أعراضها العَرْضِيّة، والثانية: أنّ كلّ شيئَيْنِ تحتَ نوع واحد اختلفا


(١) في م: "امتناعه"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في م: "إمكانه"، والمثبت من خط المؤلف.
(٣) كذلك.
(٤) علق المؤلف في حاشية النسخة بقوله: "والمراد بالفلزات: الجواهر التي لا تحرقها النار بل تذيبها فإذا فارقتها النار عادت إلى حالتها الأولى، وهي المتطرقات السبع: الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير والرصاص والخارصيني".
(٥) في م: "بينها"، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>