للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلٌّ منهما جهةُ وَحْدةٍ تَضْبط تلك المسائل المُتكثّرة، وتُعَدُّ باعتبارها عِلْمًا واحدًا إلّا أنَّ الأوّل (١) جهةُ وَحْدةٍ ذاتية، والثانية جهةً وحْدَةٍ عَرَضِيّةٍ، ولذلك تُعَرَّفُ (٢) العُلوم تارةً باعتبارِ المَوْضوع، فيقال في تعريف المَنْطِق مثلا: علم يُبْحَثُ فيه عن أحوال المعلومات. وتارة باعتبار الغاية فيقال في تعريفه: آلةٌ قانونيةٌ تَعْصِمُ مُراعاتُها الذِّهْنَ عن الخطأ في الفِكْر.

ثم إنَّ الأحوال المتعلقة بشيءٍ واحد، أو بأشياء متناسبة (٣) تَناسُبا مُعْتَدا به، إما في أمر ذاتي كالخَطَّ والسَّطْح والجِسْم التَّعْليمي، المُتشاركة في مُطْلَقِ المقدار الذي هو ذاتي لها كعِلْم (٤) الهندسة، أو في أمرٍ عَرَضي، كالكتاب والسنة والإجماع والقياس، المُتشاركة في كَوْنها موصلة إلى الأحكام الشرعية لعِلْم أُصولِ الفقه فتكون تلك الأحوال من الأعراض الذاتية التي تلحق الماهية من حيثُ هي، لا بواسطة أمرٍ أجنبي.

وأما التي جميعُ مباحث العِلْم راجعة إليها فهي إما راجعةٌ إلى نَفْسِ الأمر الذي هو الواسطةُ، كما يقال في الحساب: العدد إما زَوْجٌ أو فَرْدٌ، أو إلى جزئي تحته، كقولنا: الثَّلاثة فرد، وكقولنا في الطبيعي: الصُّورة تفسد وتخلف بدلا عنه، أو إلى عَرَضٍ ذاتي له كقولنا: المُفْرَدُ إما أوّل أو مُرَكَّب.


(١) هكذا بخط المؤلف، ولو قال: "الأولى" لكان أحسن.
(٢) في الأصل: "يُعَرَّف".
(٣) علق المؤلف في الحاشية بقوله: "والأشياء المتناسبة بشَرْط أن تكون متحدة في الجنس أو في النسبة المتصلة أو في الغاية كما أن المقدار جنس الخط والسطح والجسم وكاتحاد النقطة والخط والسطح و الجسم في النسبة، فإن نسبة النقطة إلى الخط كنسبة الخط إلى السطح، ونسبته كنسبة السطح إلى الجسم، وكاتحاد بدن الإنسان والمزاج والأخلاط والأركان والقوى والأفعال وغيرها من الأدوية والأغذية في كونها منسوبة إلى الغاية في علم الطب وهي الصحة إن جعلت جميع هذه الأمور موضوعاته".
(٤) في م: "لعلم"، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>