وعنده عينان نضاختان تجريان بماء وعسل، ويعود بعد الغيبة يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا، وهو المهدي المنتظر، وإنما عوقب بهذا الحبس لخروجه إلى عبد الملك بن مروان، وقتله أبي زيد بن معاوية، وكان السيد الحميري على هذا المذهب، وهو يقول:
ألا قل للوصي فدتك نفسي … أطلت بذلك الجبل المقاما
ومن رضوى يقطع حجر المسن ويرفع إلى جميع الآفاق، والله الموفق.
(جبل الرقيم) هو المذكور في القرآن ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً﴾ [الكهف: ٩](١)، قيل: الرقيم: اسم الجبل الذي فيه الكهف، وقيل: اسم القرية التي كان أصحاب الكهف منها، والجبل بالروم بين عمورية ونبقية، روى عن عبادة ابن الصامت ﵁ أنه قال: بعثني أبو بكر الصديق ﵁ رسولا إلى ملك الروم أدعوه إلى الإسلام، قال: فسرت حتى دخلت بلاد الروم فلاح لنا جبل أحمر قالوا: إنه جبل أصحاب الكهف، فوصلنا إلى دير فيه، وسألنا أهلها عنهم فأوقفونا على سرب في الجبل، فقلنا لهم: نحن نريد أن ننظر إليهم، ووهبنا لهم هبة، فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب، وكان عليه باب من حديد ففتحوه فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضجعين على ظهورهم كأنهم رقود، على كل واحد منهم جبة غبراء وكساء أغبر، قد غطوا بها رءوسهم إلى أرجلهم، فلم نر ما ثيابهم من صوف أو وبر إلا أنها أصلب من الديباج، وإذا هي تقعقع من الصفاقة، وعلى أكثرهم خفاف إلى أنصاف سوقهم، متنعلين بنعال مخصوفة، ولنعالهم وخفافهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل فإذا هم من وضاءة الوجوه وصفاء الألوان كالأحياء وإذا الشيب قد وخط بعضهم، وبعضهم شباب، وبعضهم موفورة شعورهم، وبعضهم مضمومة، وهم على زي المسلمين، فانتهينا إلى آخرهم، فإذا هو مضروب الوجه بالسيف كأنه ضرب في يومه فسألناهم عن حالهم فذكروا أن قوما يدخلون عليهم في كل عام يوما، يجتمع أهل تلك النواحي عند باب هذا الكهف فيدخل عليهم من ينفض التراب على وجوههم وجباههم وأكسيتهم، ويقلم أظفارهم، ويقص شواربهم، ويتركهم على الهيئة التي ترونها فقلنا لهم: هل تعرفون من هم وكم هم وكم مدة ما لهم ها هنا؟ فذكروا أنهم يجدون في كتبهم أنهم كانوا أنبياء، بعثوا في زمان واحد، وكانوا قبل المسيح بأربعمائة سنة، وعن ابن عباس
(١) ﴿أَمْ حَسِبْتَ﴾ أي: أظننت، ﴿الْكَهْفِ﴾ أي: النقب في الجبل، ﴿الرَّقِيمِ﴾: اسم جبل ومعناه اللوح الذي فيه اسماء هؤلاء الصالحين.