فدعا سليمان ﵇ العقاب، وقال: أخبرني من أي موضع حملت هذا الحجر؟! فقال:
يا نبي الله، من جبل بالمغرب يقال له: السامور فبعث سليمان ﵊ الجن فحملوا منه مقدار حاجته، وكان بعد ذلك يقطع الجن الصخور من غير أن يسمع لها صوت.
(حجر السم) هو حجر كالجزع وليس بجزع، يوجد في خزائن الملوك، خاصيته أنه يتحرك إذا حضر السم.
(حكى) الوزير نظام الملك الحسن بن علي قدّس الله روحه في (كتاب سير الملوك): إن سليمان بن عبد الملك (١) قال ذات يوم: إن مملكتي ليست تقصر عن مملكة سليمان بن داود ﵊ إلا أن الله تعالى سخّر له الجن والطير والريح وليس لأحد من الملوك على وجه الأرض مثل ما لي من الأمور والعدة.
قال بعض الحاضرين: أهم شيء يحتاج إليه الملوك عندك يا أمير المؤمنين، قال: ما هو؟ قال:
وزير يكون وزير ابن وزير، كما أنك خليفة ابن خليفة ابن خليفة، قال: وهل تعرف وزيرا هذه صفته؟ قال: نعم، جعفر بن برمك؛ فإنه ورث الوزارة أبا عن جد إلى أردشير، ولهم كتب مصنفة في الوزارة يعلمون أولادهم ذلك.
فكتب سليمان إلى عامل بلخ، وأمره بإرسال جعفر إلى دمشق مع التجمل والاعتزاز فلما وصل إلى دمشق، ودخل على سليمان، فرأى سليمان صورته استحسنه وتحرك له وأمره بالجلوس بين يديه، فما كان إلاّ يسيرا حتى عبس سليمان وجهه، وقال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم، قم من عندي؛ فأقامه الحاجب.
ولم يعرف أحد سبب ذلك إلى أن خلا سليمان بندمائه فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين، طلبت جعفرا من خراسان بإعزاز فلما حضر أبعدته، فقال سليمان: لولا أنه جاء من أرض بعيدة لأمرت بضرب عنقه؛ لأنه حضر بين يدي ومعه السم القاتل، فكان أول ما جاءنا وصحبه السم القاتل، فقال ذلك النديم: أتأذن لي يا أمير المؤمنين، أن أكتشف عن هذا؟ فقال: افعل.
فذهب إلى جعفر وقال له: أنت لما حضرت عند أمير المؤمنين أكان معك شيء من السم؟ قال: نعم، وهو الآن معي تحت فص خاتمي هذا لأن آبائي احتملوا من الملوك مشاقّا كثيرة، طلبوا
(١) سليمان بن عبد الملك بن مروان الخليفة الأموي المعروف.