للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد اتفق الباحثون على أنها مثل كرة الأرض مائة مرة ونيفا وستين مرة وفي لحظة تسير أكثر من قطر كرة الأرض، وقد عرض ذلك جبريل حيث قال للنبي : «من وقت لا إلى أن قلت نعم سارت الشمس خمسمائة عام». ثم لينظر إلى جرم القمر وكيفية اكتسابه النور من الشمس لينوب عنها بالليل، ثم إلى امتلائه وانمحاقه ثم إلى كسوف الشمس وخسوف القمر.

ومن العجائب السواد الذي في جرم القمر فإنه لم يسمع فيه قول شاف إلى زماننا هذا (١)، وكذلك في المجرة وهي البياض الذي يقال له: شرج السماء وهو على ذلك يدور بالنسبة إلينا رحوية.

وعجائب السموات لا نستطيع إحصاء عشرها لكن القدر الذي جرى في جرم القمر ذكرناه تبصرة لكل عبد منيب.

ثم لينظر إلى ما بين السماء والأرض من انقضاض الشهب والغيوم والرعود والبروق والصواعق والأمطار والثلوج والرياح المختلفة المهاب (٢).

وليتأمل السحاب الكثيف المظلم كيف اجتمع في جو صاف لا كدورة فيه؟ وكيف حمل الماء، وتسخير الرياح؟ فإنها تتلاعب به وتسوقه إلى المواضع التي أرادها الله تعالى فترش وجه الأرض وترسله قطرات متفاضلة لا تدرك قطرة ليصيب وجه الأرض برفق، فلو صبه صبّا لأفسد الزرع بخدشه وجه الأرض ويرسلها مقدارا كافيا لا كثيرا زائدا على الحاجة فيعفن النبات، ولا قليلا ناقصا عن الحاجة فلا يتم به النمو كما قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ﴾ [سورة المؤمنون: ١٨]، ثم إلى اختلاف الرياح فإن منها ما يسوق السحب (٣) ومنها من ينشرها ومنها ما


(١) لا شك أنه بعد تقدم العلوم وظهور التكنولوجيا الحديثة والأقمار الصناعية وصعود الإنسان على ظهر القمر قد فسر كثيرا من هذه المبهمات. وقد قيل: إن هذا السواد الذي يوجد في جرم القمر ما هي إلا منخفضات عميقة جدّا على سطح القمر تشبه البحار الجافة التي لا ماء فيها. وكل هذه الأشياء تدل على قدرته ولله در القائل:
وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد
(٢) مهاب الريح: أي: مواضع هبوبها مفردها: مهب.
(٣) قال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها﴾ [فاطر: ٩].

<<  <   >  >>