للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إلى كيفية استخراجها وتنقيتها واتخاذ الحلي والآلات والأواني منها، ثم إلى معادن الأرض كالنفط (١)، والقير (٢) والكبريت، وغيرها وأقلها الملح فلو خلت منه بلد لتسارع الفساد إلى أهلها.

ثم لينظر إلى أنواع النبات وأصناف فواكهها مختلفة الأشكال والألوان والطعم والأراييج ﴿يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ﴾ (٣)، مع اتحاد الأرض والهواء والماء فيخرج من نواة نخلة مطوقة بعناقيد الرطب، وبرة حبة ﴿سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾.

ثم لينظر إلى أرض البوادي وتشابه أجزائها فإنها إذا نزل القطر عليها ﴿وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾.

ثم إلى كثرتها واختلاف أصنافها متشابهة وغير متشابهة.

ثم إلى كثرة أشكالها وألوانها وطعمها ورائحتها واختلاف طبعائها وكثرة منافعها، فلم ينبت من الأرض ورقة إلا وفيها منفعة أو منافع يقف فهم البشر دون إدراكها (٤).

ثم لينظر إلى أصناف الحيوان وانقسامها إلى: ما يطير ويقوم ويمشي وانقسام الماشي إلى: ما يمشي على بطنه وإلى ما يمشي على رجلين وإلى ما يمشي على أربع (٥) وإلى أشكالها وألوانها وصورها وأخلاقها وأفعالها ليرى عجائب تدهش منها العقول بل في البقة أو النمل أو العنكبوت أو النحل فإنها من ضعاف الحيوانات ليرى ما يتحير منه من: بنائها البيت وجمعها


(١) النفط: أي: البترول.
(٢) القير: أي: الزفت وهو مادة سوداء صلبة تسيلها السخونة تتخلف من تقطير المواد القطرانية. انظر مخار الصحاح مادة (قير، زفت).
(٣) قال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ [الرعد: ٤].
(٤) فلم يخلق الله شيئا هباء؛ فإن له في خلقه حكما وشئونا وقد قيل:
وكم لله من سر خفي … يدق خفاه على الفهم الذكي
(٥) فالذي يفكر في خلق الحيوانات وأصنافها وأنواعها وخصائص كلّ منها ليجدها أكبر دليل على قدرة الله : ﴿وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [النور: ٤٥]. وما كان هذا التنوع في الخلق إلا دلالة على قدرة الله .

<<  <   >  >>