للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شُعيب عَنْ أَبيهِ عن جدِّه، فلمَّا ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ فَرَغْتُ مِنْهُ جَلَسْتُ لَيْلَةً فِي بَيْتِي [و] (١) السِّرَاجِ بَيْنَ يَدَيَّ، وَأُمِّي فِي صُفَّةٍ حِيَالَ البَيْتِ الَّذِي أَنا فِيهِ، وَابْتَدَأْتُ أَنظُمُ الرِّقَاعَ وَأُصَنِّفُهَا، فَحَمَلَتْنِي عَيْنِي فَرَأَيْتُ كَأَنَّ رَجُلاً أَسْوَدَ قَدْ دَخَلَ إِلَيَّ [بمُهنَّدِ] (٢) نارٍ، فَقَالَ: تَجْمَعُ حَدِيثَ هَذا العَدُوِّ للهِ؟ أَحْرِقْهُ وَإِلاَّ أَحْرَقْتُكَ، وَأَوْمَأَ بيَدِهِ بالنَّارِ، فَصِحْتُ وَانتَبَهْتُ، فَغَدَتْ إِلَيَّ أُمِّي (٣) وَقَالَت: مَا لَكَ مَا لَكَ؟! فَقُلْتُ هَذا مَا رَأَيْتُهُ (٤)، وَجَمَعْتُ الرِّقَاعَ وَلَمْ أَعْرِضْ لِتَمَامِ التَّصْنِيفِ، وَهَالَنِي المَنَامُ وَعَجِبْتُ مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ذكَرْتُ المَنَامَ لِشَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيثِ كُنْتُ آنسُ بهِ، فقالَ: حَدَّثنِي فلَانٌ عَن فُلَانٍ، فَذكَرَ إِسْنَاداً لَسْتُ أَقُومُ عَلَى حِفْظِهِ، وَلَا كَتَبْتُهُ عَنهُ فِي الحَالِ: أنَّ عَمرو بنَ شُعيب هَذَا لَمَّا أَسْقَطَ عُمَرُ بنُ عبد العزيز مِنَ الخُطَبِ عَلَى المَنَابرِ لَعْنَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلَيّ قَامَ إليه عَمرو بنُ شُعَيب وَقَدْ بَلَغَ إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي كَانتْ بَنُو أُمَيَّة تَلْعَنُ فِيهِ عَلِيًّا، فَقَرَأَ مَكَانَهُ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ﴾ (٥)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! السُّنَّةَ السُّنَّةَ

ـ يُحَرِّضُهُ عَلَى لَعْنِ عَلِيٍّ ـ فَقَالَ عُمَرُ: اسْكُتْ قَبَّحَكَ اللهُ! تِلْكَ البدْعَةُ! تِلْكَ البدْعَةُ! لَا السُّنَّة، وَتَمَّمَ خُطْبَتَهُ.

قال أبو عبد الله [الخُتَّلي] (٦): فَعَلِمْتُ أَنَّ مَنَامِي كَانَ عِظَةً لِي مِنْ أَجْلِ هَذا الحَالِ، وَلَمْ أَكُنْ عَلِمْتُ مِن عَمرو هَذَا الرَأْيَ، فَعُدتُ إِلَى بَيْتِي فَأَحْرَقْتُ الرِّقَاعَ الَّتِي كُنْتُ جَمَعْتُ فِيهَا حَدِيثَهُ» (٧).


(١) في الأصل: (في)، والتصويب من أمالي الشجري، وهو الأظهر.
(٢) كان رسمها في الأصل هكذا:
|
والتصويب من أمالي الشجري، والمهند هو السيف المطبوع بحديد الهند.
(٣) في الأمالي: (فعُدتُ إلى أمِّي).
(٤) في الأمالي: (مناماً رأيته)، وهو الأظهر.
(٥) النحل، آية: ٩٠، وفي الأمالي إلى قوله: ﴿وَالْمُنْكَرِ﴾، وبعده: (فقام إليه عمرو بن شعيب لعنه الله)!!
(٦) في الأصل: (الجبلي)، وهو خطأ كما تقدَّم.
(٧) الحكاية باطلة.
وأخرجها الشجري في الأمالي (١/ ١٥٣) عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي به.
وسندها باطل، وأبو القاسم التنوخي هذا، كان يتشيَّع ويذهب إلى الاعتزال، كما تقدَّم.
ولو صحَّت إلى أبي عبد الله الختلي فهو غلطٌ منه، والشيخ الذي ذكره من أهل الحديث لا يُعرف مَن هو، والسند إلى عمرو بن شعيب وعمر بن عبد العزيز لا يُعرف كذلك، فلم تُسمَّ رجاله، فلا يصحُّ ما ذكر عنه.
ولم أقف على أحد نسب عمرو بن شعيب إلى النصب والميل عن علي بن أبي طالب ، ولم يختلف الأئمة في ثقة عمرو وعدالته، وإنَّما تكلَّموا في روايته عن أبيه عن جده من حيث الاتصال والانقطاع، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>