إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، أرسله الله بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فأدَّى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حقَّ جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات ربِّي وسلامه عليه.
وبعد:
فإنَّ العمل بكتاب الله، واتِّباعَ سنَّة رسول الله ﷺ، ومعرفةَ واقتفاءَ آثار مَن مضى من السَّلف من صحابةٍ وتابعين، مِن أسباب عِزِ الأمَّة ووحدتها، وهو دليل وجودها وجِدِّها، وقد تعهَّد الله تعالى بحفظ هذا الدِّين؛ فاختار له رجالاً صالحين، عدولاً ضابطين، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، من لدن صحابة رسوله ﷺ إلى يوم المعاد، فلا تزال طائفة من هذه الأمَّة المباركة على الحقِّ قائمين، لا يضرُّهم مَن خالفهم ولا مَن ناوأهم إلى قيام الساعة، وجعل الله ﷿ في كلِّ زمن مَن يُجدِّد لهذه الأمة أمر دينها، ويُحيى ما اندرس مِن علومها وأخلاقها وآدابها في كلِّ عصر ومصر؛ لذلك وغيره اتَّجهت هِمَمُ علمائها لحفظ هذا الدِّين بإيداعه في الصدور، وجمعه في الدواوين والسطور، فكثرت المؤلَّفات في كلِّ فنٍّ من الفنون، تمثَّلت في جمع سنة سيد الأولين والآخرين، وما كان عليه صحابتُه الميامين، من فقه في الدِّين، واعتقاد في ربِّ العالمين.
لكن شاء الله تعالى أن يدخلَ في هذا الميدان الواسع مَن ليس بأهل، من أصحاب الأهواء والضعفاء والكذَّابين، فحاكوا المحدِّثين في علمهم، ورووا ما ليس له خطام