للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسار، فسلَّمت إليه مالَها فحصلت له ثروة بعد فقر وتصوف» (١).

وأنجبت له ست الأهل ابنته الوحيدة، وسمَّاها خديجة، وكانت محدِّثةً عاليةَ الإسناد كأبيها، ذكرها المنذري وله عنها إجازة (٢)، وهي والدة المحدِّث جمال الدين عبد الرحمن ابن مكي الإسكندراني المشهور بسِبْط السِّلفي، الذي انتهى إليه علو الإسناد في الديار المصرية.

[المبحث الرابع: نشأته وعنايته بالعلم ولقاء الرجال]

كانت أصبهان مدينة عظيمة مشهورة، من أعلام المدن وأعيانها، تزخر بالعلم والعلماء، وكان لأهلها عناية بسماع الحديث وغيره من الفنون، والحافظ أبو طاهر السِّلفي نشأ في تلك البيئة العلمية، من حبٍّ للعلماء، والسعي في الأخذ عنهم، خاصة الغرباء، وقد صوَّر لنا الحافظ صورة من تلك المشاهد فيقول في ترجمة أحد شيوخه بالإجازة: «الإمام أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، شيخ الحنابلة بها ورئيسهم، قدم أصبهان رسولاً من قبل الخليفة إلى السلطان، وأنا إذ ذاك صغير، وشاهدته يوم دخوله إلى البلد ووصوله، وكان يوماً مشهوداً كالعيد، بل أبلغ في المزيد … وحضرت في الجامع الجُورْجِيري ـ الذي بالقرب من باب القصر محلّتنا ـ مجلسه بنفسي، لا بمحضر من الكبار، بل متفرِّجاً كعادة الصغار» (٣).

وبعد أن ترعرع اعتنى به أبوه أشدَّ عناية، فحدَّثه هو بنفسه، وأقرأه القرآن على شيوخ أصبهان، وسمع على محدِّثيها، فتصدَّى للسماع وكتب الحديث على رغبة تامَّة، وعزيمة مستدامة، فالتقى بمن كان بها من المحدثين، وأول من سمع منه محمد بن محمد بن عبد الرحمن المديني، وله سماع سنة (٤٠٩ هـ)، ومن الرئيس أبي عبد الله


(١) تاريخ دمشق (٥/ ٢٠٩).
(٢) التكملة في وفيات النقلة (٣/ ١٨٧).
(٣) الوجيز (ص ٤٤، ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>