للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المبحث الحادي عشر: وفاته]

عاش الحافظ السِّلفي حياته كلَّها للعلم، فبدأ في التلقي في بلده أصبهان ثم غادرها من غير رجعة إلى أنحاء الدنيا، طالباً مستفيداً، وعالماً مفيداً، إلى أن استقر به المقام في الإسكندرية، فعاش فيها أزيد من ستين سنة ينشر رواياته التي جمعها، وعلمه الذي أفنى عمره فيه، ثم جاءه نداء ربِّه فاستجاب له، وذلك في صباح يوم الجمعة ـ وقيل في ليلته ـ الخامس من ربيع الثاني سنة (٥٧٦ هـ)، ولم ينقطع عن التدريس طوال حياته كلِّها، بل وفي ليلة موته لم يزل يُقرأ عليه الحديث يوم الخميس، وهو يردُّ على القارئ اللَّحن الخفي، وقد بلغ عمره أزيد من مائة سنة، قال علم الدين السخاوي:

«سمعت يوماً أبا طاهر السِّلفي يُنشد لنفسه ما قاله قديماً:

أنا من أهل الحديـ … ـثِ وهم خيرُ فئه

جُزت تسعين وأر … جو أن أجوزنَّ المائه.

قال: فقيل له: قد حقَّق الله رجاءَك، فعلمتُ أنَّه قد جاز المائة، وذلك في اثنتين وسبعين وخمس مائة» (١).

وصلَّى عليه صاحبه أبو طاهر بن عوف المالكي فقيه الإسكندرية بعد ظهر الجمعة بجامع عبد الله بن عمرو بن العاص، ودُفن في مقبرة وعلة، رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته، وحشره مع النبيين والصديق والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

* * *


(١) السير (٢١/ ٧)، وانظر: جزء فيه أهل المائة للذهبي (ص ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>