للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنا مذْ صرتُ عبدَك زدتُ فخراً … وزال بملككم نقصي وشيني

أتيتكم لأقرأ أو لأروي … فعدتُ لمنزلي صفرَ اليدين

قريح القلب لم أظفر بشيء … كأنِّي لم أكن أهلاً لِذَيْنِ

يروح الناس عنكم بكلِّ خير … وأرجع لابساً خُفَّي حُنين

وما ذنبي سوى أنِّي غريبٌ … وقومي حيل بينهمُ وبيني

قال أبو محمد المذكور: قال لي أبو الحجاج: لَمَّا وقف الشيخ أبو طاهر على هذه الأبيات، وبلغ إلى قولي:

وما ذنبي سوى أنِّي غريب .... البيت.

تواجد وبكى، وصاح بأعلى صوته:

وقومي حيل بينهم وبيني

حنيناً إلى وطنه أذربيجان، وشوقاً إلى من خلَّف بها من القرابة والإخوان، وغشي عليه، فجعل طلبتُه يلومونني، ويقولون: ما هذا الذي جنيتَ علينا اليوم؟! وأُدخل الشيخ دارَه، فلَم يخرج إلاَّ بعد أربعة أيام».

[المبحث السادس: شيوخه]

مَن كان أمثال السِّلفي في سَعَة الرحلة، وكثرة التَّجوال يصعب بل يستحيل تعداد شيوخه، فقد كان فيهم كثرة كاثرة لا يحصيهم إلاَّ العليم الخبير، ففي بلده سمع من أكثر من ستة مائة شيخ، وألَّف معجماً لهم، وفي بغداد سمع أكثر من مائتين وأربعين شيخاً مِمَّن نصَّ عنهم في المشيخة البغدادية، وألَّف كتابه معجم السفر في بقية شيوخه الآخرين، وفي شيوخه المعروف الثقة، والمجهول المستور، والضعيف، والمحدث والفقيه، والأديب والشاعر، وغيرهم، ولم يترك فنًّا من الفنون وإلاَّ وسمع من أهله، فكان كلَّما دخل مدينة أو قرية سأل عن شيوخها، فقد يدرك من يدرك منهم، وقد يفوته بعض الشيوخ ويكون بين دخوله ووفاتهم شهر أو أكثر، وقد يكون عارض آخر يمنعه

<<  <  ج: ص:  >  >>