(٢) ما بين المعقوفين ليس في الأصل ولا في (ف)، ولعل الصواب إثباته، فالقسملي لا يروي عن سعيد بن جبير، وإنَّما روايته عن الأعمش، وقد ورد الحديث بهذا الإسناد في مصادر متعدِّدة ـ كما سيأتي ـ وفي كلِّها ذكر الأعمش، والله أعلم. (٣) رجاله ثقات، إلاَّ أنَّ الحديث معلٌّ، والصواب فيه الإرسال. وأخرجه الضياء في المختارة (١٠/ ١٧٧)، والذهبي في السير (٤/ ٣٤٢)، (١٠/ ٥٧٤) من طريق المخلص. والقضاعي في مسند الشهاب (١/ ٣٩٩) من طريق أبي مسلم الكاتب، كلاهما عن البغوي به. وأخرجه البزار في مسنده (١/ ٤٣٢ ـ كشف الأستار)، وابن جرير في تهذيب الآثار رقم: (١٧٨٩)، والطبراني في المعجم الكبير (١/ ٤٤٤)، والضرَّاب في ذم الرياء (ص ٢٠٣)، والبيهقي في الشُّعب (٧/ ١٣٤)، والقضاعي في مسند الشهاب (١/ ٤٠٠)، والضياء في المختارة (١٠/ ١٧٦) من طرق عن عبد العزيز القسملي به. وهذا السند رجاله ثقات، إلاَّ عبد العزيز القسملي، فهو ثقة يهم قليلاً، وقد أنكر عليه الأئمة هذا الحديث. قال إسماعيل القاضي: «هكذا رواه عبد العزيز بن مسلم، وقد خالفه غيرُ واحد رواه عن الأعمش، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى». وقال البيهقي: «هكذا وجدته: عن ابن أبي ليلى، والحديث عندنا عن الأعمش وغيره، عن الحكم، عن ميمون بن أبي شبيب، عن النَّبِيِّ ﷺ مرسلاً». انظر: شعب الإيمان (٧/ ١٣٥). ونقل الضياء عن حمدان بن علي قال: «سألتُ أحمد عن حديث عبد العزيز القسملي (استغنوا عن الناس)، قال: منكر، ما رأيت حديثاً أنكر منه». المختارة (١٠/ ١٧٧). قلت: إن صحَّ ما نقل عن أحمد من النكارة، فهو من باب تضعيف الحديث، ووجه ذلك مخالفته للرواة عن الأعمش. وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث القسملي هذا، فقال: «هكذا رواه عبد العزيز، ورواه جرير ابن حازم عن الأعمش، عن الحكم بن عيينة (كذا والصواب عتيبة)، عن ميمون بن أبي شبيب، عن النَّبِيِّ ﷺ مرسل، وهو أشبه». علل الحديث (١/ ٢١٦). قلت: وطريق جرير بن حازم أخرجه البيهقي في الشُّعب (٧/ ١٣٥)، وهو مرسل. وأمَّا قول الألباني في الصحيحة (٣/ ٤٣٤) تفسيراً لكلام أحمد: «ولعله يعني مجرد التفرد الذي لا يستلزم الضعف … وإلاَّ فإسناد حديث الترجمة صحيح على شرط الشيخين»، يردُّه كلام الأئمة المتقدِّمين، ومراد أحمد بالنكارة الضعف، بدليل قوله: (ما رأيت أنكر منه)، والله أعلم.