للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤٩١] سألتُ الشَّريف أبا منصور عن الشريف أبي عبد الله هذا، فقال: «كان مِن أولَادِ الحَسَن بنِ عَلي، وكان مِن أَهْلِ الفَضلِ والعِفَّةِ، وكان يُقالُ له العلاَّمة، إلاَّ أنَّه كَان يتشيَّع قَلِيلاً، ولا يَذكُرُ أبَا بَكر وعمر إلاَّ بخير، وكان يَمْنَعُ أَهْلَ الكوفة مِنَ الشَّتْمِ، ويقول: صَاحِبُ الحديثِ كحَاطِبِ لَيْلٍ، وكحَمِيلِ (١) سَيْل، ورُبَّمَا كَانَ يُملِي حَدِيثاً عن عَائشَةَ وغَيرِها مِن الصَّحابَةِ ، وكانَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ يَسُبُّونهُم فَيَمْنعُهُم أشَدَّ المَنْعِ».

[٤٩٢] وسمعت الشريف أبا عبد الله يقول: «قَدِمَ عَلَيْنَا أبو عبد الله محمد بن علي الصُّورِي، وكانَ حَافظاً، [فكان] (٢) يَسْمَعُ عَليَّ الحديثَ، وكَانَ يتَظَاهَرُ بمذْهَبِ السُّنَّةِ ويَتَرَحَّمُ على أبي بَكر وعُمر ، ويَذكُرُ فَضَائِلَهما، فثَارَ قَومٌ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ عَلَيْهِ لِيَقْتُلُوهُ، فجَاءَ إلَيَّ فقلتُ: لَا قُدْرَةَ لِي بهم، ودَلَلْتُه عَلَى الشَّريفِ أبي طَالب بنِ عُمر العَلوي؛ لأنَّه كان مُحْتَشَماً، ولَهُ يَدٌ يَدْفَعُ بها، فمَضَى إليه فقالَ له: جِئْتُكَ مُسْتَكِيناً خَائِفاً؛ لأنَّ أهلَ الكُوفَةِ قدْ ثاروا عَلَيَّ لِيَقْتُلُونِي، وأَسْأَلُكَ أن تُجِيرَنِي إلَى أَنْ أَخْرُجَ مِنَ الكُوفَة، وكانَ الشَّرِيفُ أبو طالِب هذَا عَلَى سَبِّ الصَّحَابَةِ رَافِضِيًّا، فَقَالَ: نعم، وأُرِيدُ أَن تَحْضُرَ عِندِي كُلَّ يَوْمٍ وتَرْوِيَ لِي ما سَمِعْتَ فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَة، فحَضَرَ عِندَه مُدَّةً فِي ضِيافَتِه، وقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ فَضَائِلِهِمْ مَا أَمْكَنَ، فتَابَ الشَّرِيفُ أبو طالب وأنابَ إلَى الله تعَالى مِمَّا سَبَقَ، وقال: عِشْتُ (٣) أَرْبَعِينَ سَنَةً أَسُبُّ الصَّحَابَة، أَشْتَهي أَنْ أَعِيشَ مِثْلَها حتَّى أَذكُرَهُم بخير» (٤).


(١) في (ف): (أو كحميل).
(٢) زيادة من (ف).
(٣) في (ف): (قد عشت).
(٤) انظر: المنتظم لابن الجوزي (٨/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>