إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: إخوتي الكرام! بمناسبة افتتاح هذا الكتاب الكريم العظيم؛ كتاب التوحيد لـ ابن خزيمة سنذكر مقدمة أصيلة وتأصيلاً كاملاً لعلم التوحيد؛ حتى يظهر جلياً لطلبة العلم ما يأسسون عليه بنيانهم، ثم يسيرون على نهجه.
إن التوحيد هو أشرف العلوم على الإطلاق، فشرف العلم -كما بينا سابقاً- من شرف المعلوم، ولا أحد أشرف من الله جل وعلا، والناس حاجتهم إلى التوحيد أشد من حاجتهم إلى الماء والهواء، فلا يستقيم إيمان عبد، ولا يقبل عند ربه جل وعلا، ولا ينجيه الله من الخلود في نار جهنم إلا بالتوحيد الخالص من الشرك.
والتوحيد قسمه بعض المتأخرين تقسيماً استنباطياً اجتهادياً، وقد استنبط هذا شيخ الإسلام، وهذا التقسيم هو تقسيم التوحيد إلى قسمين: القسم الأول: هو التوحيد العلمي الخبري.
القسم الثاني: التوحيد الإرادي الطلبي.
أو بتقسيم آخر: توحيد العبادة، أو توحيد الله جل وعلا بأفعاله.