إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد: إخوتي الكرام! نحن بفضل من الله ونعمة وقوة وكرم وجود منه سبحانه وتعالى قد انتهينا من الجزء الأول من كتاب التوحيد لـ ابن خزيمة، وسنسرد الأحاديث التي فيه وهي كما يلي: روى ابن خزيمة في هذه الكتاب العظيم عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا، قال: فوالذي نفسي بيده! ما تضارون إلا كما تضارون في رؤيتهما، يلقى العبد فيقول: أي عبدي! ألم أكرمك، ألم أزوجك؟) إلى آخر هذه الروايات.
فنستنبط من هذا الحديث صفة، وهذه الصفة شمر لها المجتهدون، وسعد بها السابقون، واشتاقت لها قلوب الموحدين المؤمنين بكرة وعشياً، هذه الصفة هي رؤية الله جل في علاه.
ورؤية الله جل في علاه، ثبتت بالكتاب، وبالسنة، وإجماع أهل السنة، وأيضاً بالنظر والأثر.
فأما الكتاب: فقد قال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}[القيامة:٢٢ - ٢٣].
فقوله تعالى:(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) هذه النضارة ما كانت إلا النظر إلى وجه الله الكريم.