التكييف يحرم أثراً ونظراً، أما أثراً فقد قال الله تعالى:{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:١١٠]، الذي يكيف صفة الله جل وعلا، يكيف يد الله جل وعلا، كأنه أدرك يد الله جل وعلا، وكأنه أحاط بها علماً، وهو كاذب في دعواه؛ لأن الله جل وعلا قال:{وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}[طه:١١٠]، وأيضاً قال الله تعالى:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء:٣٦]، وأنت إذا قلت بكيفية صفة من صفات الله جل وعلا دون أن تراها، ودون أن يخبرك رسولك صلى الله عليه وسلم قد قلت على الله بغير علم، ووقعت في مخالفة هذه الآية:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء:٣٦]، هذا أثراً.
أما نظراً فنقول: المكيف إذا أراد أن يكيف الصفة له في هذا التكييف مسالك ثلاثة: المسلك الأول: أن يرى صاحب هذه الصفة، فالرسول صلى الله عليه وسلم رأى بيت المقدس عندما أسري به إليه، فلما سألوا محمداً صلى الله عليه وسلم: صف لنا بيت المقدس، وصفه لهم بكل كيفياته، فالذي يكيف صفة الله نلزمه ونقول: أنت رأيت الله؟ إذا قال: نعم، فهذا إما مجنون وإما يكفر بهذا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى الله على التحقيق، وعند أهل التحقيق ما رأى الله في الدنيا، ولن يرى الله أحد إلا في الآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) إذاً: هذا المسلك الأول ينفي التكييف.
المسلك الثاني: أن يخبره الصادق المصدوق بكيفية هذه الصفة، فهل ثمة دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم يكيف له صفة من صفات الله جل وعلا؟ لن يجد لذلك سبيلاً، فالمسلك الثاني أيضاً لا يمكن أن يقف به أمامنا، فننفيه عنه.
المسلك الثالث: أن يرى المثيل، وهل لله مثيل؟ والله يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]، إذاً: يبطل نظراً أن يكيف هذه الصفة.
بل نحن نلزمه بما هو أدنى ونقف معه ونقول: كيف لنا ثلاثة أجنحة من أجنحة جبريل الستمائة، لا يستطيع أن يأتي بجناح واحد ليكفيه، فإن لم يستطع أن يكيف صفة لمخلوق، فهو أعجز أن يأتي بكيفية صفة للخالق، ولذلك ورد في الآثار:(لا تتفكروا في ذات الله) يعني: كيفيات صفات الله، فإن الله لا تصل إليه فكرة، سبحانه وتعالى، مهما يصل بك الفكر إلى كيفية من كيفيات صفات الله جل وعلا فالله أعظم وأجل، سبحانه وتعالى، فكبر وسبح ونزه ربك.
إذاً: فالتكييف باطل أثراً ونظراً.
فطريقة السلف إثبات الصفة بلا تمثيل ولا تشبيه ولا تكييف.