فالصفات الذاتية هي الصفات التي لا تنفك عن الله بحال من الأحوال، فهي أزلية أبدية لم يزل متصفاً بها ولا يزال، مثل العلم، فالله لم يزل متصفاً به ولا يزال، فليس هناك لحظة لا يعلم الله جل وعلا فيها كما قالت القدرية، فهم يقولون: إن الله لا يعلم أفعال العباد إلا بعدما تفعل! وهذا غير صحيح، فهذا علم أزلي لم يزل الله ولا يزال متصفاً به.
وأيضاً العزة والقدرة والحياة فكل هذه صفات ذاتية أزلية أبدية لا تنفك عن الله بحال من الأحوال.
النوع الثاني: الصفات الفعلية، وهي الصفات التي تتجدد وتتعلق بالمشيئة، مثال ذلك: النزول، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ينزل ربكم إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر)، فالله ينزل نزولاً يليق بجلاله وكماله جل وعلا، وأما البشر فنزولهم يليق بنقصهم.
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يضحك ربكم من رجلين يقتل أحدهما الآخر ويدخلان الجنة)، فالله يضحك ضحكاً يليق بكماله، كما قال الصحابي للرسول صلى الله عليه وسلم:(أيضحك ربنا؟ قال: نعم، قال: إذاً لم نعدم خيراً من رب يضحك)؛ لأن لازم هذا الضحك أن يرحمنا، وأنت لو دخلت على صديق لك مسرور وطلبت منه أي شيء فإنه يعطيك إياه برحابة صدر، ولله المثل الأعلى، فإن كان ربك يضحك فلازم ذلك أن يغدق عليك النعم ويرحمك رحمة واسعة، فهذه الصفات تسمى صفات فعلية.
النوع الثالث: الصفات الخبرية وهي: الصفات التي لا مدخل للعقل فيها، وأما الصفات الأزلية الأبدية فالعقل يثبتها ويقبلها وإن كانت توقيفية، فالعقل يثبتها ولا يعارضها، كالعلم، فهذا الكون وهذه البحار وهذه الجبال وهذه الأشجار والنجوم والشمس التي تطلع في الصباح وتغرب في المساء، كل هذا الكون المدبَّر لابد أن يكون نابعاً عن علم وعن حكمة، فهذه تدلك على إثبات العلم والحكمة عقلاً.
وأما الصفات الخبرية فلا مدخل للعقل فيها، وضابطها: أن مسماها بالنسبة لنا أجزاء وأبعاض، كاليد والساق والعين، فاليد جزء مني لكنها بالنسبة لله تسمى صفة خبرية، ولا يقال: جزء من الله، بل هي صفة من صفات الخبرية.
فلله يد {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح:١٠]، ولله ساق {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:٤٢]، ولله عين {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا}[القمر:١٤]، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩]، وهذا كله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].
إذاً: فهذه الصفات الثبوتية تضبطها قاعدة مهمة جداً وهي: أنها كل ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله بلا تمثيل؛ لأن الله جل وعلا قال:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١]، وننزه الله بلا تعطيل.