فأما الكتاب: فقد قال الله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا}[هود:٣٧]، ووجه الشاهد: بأعيننا، وأيضاً قال الله تعالى:{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}[الطور:٤٨]، وجه الشاهد:(بأعيننا)، وقوله تعالى:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩]، وجه الشاهد (على عيني).
ففي هذه الآيات إضافة العين لله جل وعلا، وإن لم تضف إلى الله ما قلنا بأنها صفة له، كما بينا في صفة الساق، فإن جاءت مطلقة فلا نقول إنها صفة، فهل ننفيها عن الله أو نثبتها؟ لا ننفي ولا نثبت حتى تأتي القرينة، وإلا لو نفينا عن الله جل وعلا هذه الصفة فلعله أثبتها لنفسه ونحن لا نعلم، أو أثبتناها فلعله نفاها ونحن لا نعلم، فإن لم تأتينا الدلالة الواضحة على صفة من صفات الله فلا نثبت ولا ننفي، فالعين ما نثبتها إلا إذا أضيفت إلى الله جل وعلا، وقد أضافها الله لنفسه فقال:{بِأَعْيُنِنَا}[هود:٣٧]، وقال:{بِأَعْيُنِنَا}[الطور:٤٨]، وقال:{عَلَى عَيْنِي}[طه:٣٩]، فالعين أضيفت لله جل وعلا من باب إضافة الصفة إلى الموصوف؛ لأنها معاني وليست أعيان، فهذا وجه الدلالة من هذه الآيات.