التأصيل الثالث: أن من ثبت إيمانه بيقين لا يزول بشك بحال من الأحوال، وتفسير ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة فقال أبو ذر: يا رسول الله، وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق، ثم قال له في الثالثة: وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي ذر) فمن قال: لا إله إلا الله دخل الإسلام وله ما للمسلمين وعليه ما عليهم، فمن دخل الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين.
فلو ثبت على الرجل كلمة الكفر فيحتمل أنه قالها عامداً أو جاهلاً؟ أو سبق لسان، أولم يطمئن قلبه أو كان مكرهاً فهذه احتمالات تدخل في دائرة الشك، والقاعدة أن من ثبت إيمانه بيقين فلا يزول بالشك.
فإن كان جاهلاً فلا بد أن يعلم، فتقام عليه الحجة، ويزال عنه الشبهة.
وهذا يبين لنا خطأ من يتجاسر على التكفير كائناً من كان، حتى ولو كان يدافع عن حظيرة الإسلام، أو يرفع راية الإسلام فلا يجوز تكفير أحد إلا بيقين وبعلم؛ لأن تكفير المعين جرأة على الدين، وجرأة على لوازم ربوبية الله جل في علاه.