إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: المسألة الأخيرة التي ختم بها المصنف كلامه: وهي عرش الرحمن.
فالإيمان بالله يتضمن الإيمان بربوبية الله، والإيمان بإلهية الله، والإيمان بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى، ومن ضمن الإيمان بصفات الله جل في علاه: أن تؤمن بصفات الله الفعلية، ومن صفات الله الفعلية الاستواء على العرش، قال الله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، فإذا آمنت بأن الله استوى على عرشه فلا بد لزاماً أن تؤمن بأن هناك مخلوقاً اسمه العرش، فالله جل وعلا خلق العرش، وذكره في غير ما موضع من القرآن، قال الله تعالى:{وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ}[التوبة:١٢٩]، وقال جل في علاه:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الحديد:٤]، وقال جل في علاه:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ}[البروج:١٥].
وأيضاً في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا إله إلا الله رب العرش العظيم).
فهذا العرش عظيم معظم مكرم ممجد عند الله جل في علاه، وتمجيد هذا العرش وتعظيم هذا العرش بأن الله استوى عليه، وكفى بالعرش شرفاً أن الله استوى عليه، فهو جسم مجسم.