ثالثاً: أبو النبي: عبد الله، وهو كافر خالد مخلد في نار جهنم، وهذا نقوله صراحة، ولا نفعل كحال بعضهم عندما يبكي ويضحك على الناس ببكائه المزيف ويقول: كيف تقرءون هذه الآيات: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[المسد:١]، وتتجرءون على ذلك، فهذا فيه تجريح للنبي صلى الله عليه وسلم؟! نسأل الله العفو والعافية.
فنقول لهذا: هل نبتر هذه الآية من أجل عاطفتك المزعومة المزيفة، وبعضهم يقول: كيف تقولون: إن أبا طالب مات كافراً؟! ومن باب أولى أن ينكروا أن عبد الله أبا النبي صلى الله عليه وسلم قد مات كافراً، وأنه خالد مخلد في نار جهنم، وسنثبت ذلك بالدليل.
وقد يقول بعضهم: إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم قد مات قبل أن يولد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تأته الرسل، والله جل وعلا يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء:١٥]، فنقول: إن معنى (نبعث رسولاً) إما الرسول بذاته، أو رسالته بالبلاغ، (فبلغوا عني ولو آية)، وقد وصلت لهم رسالات إبراهيم وموسى وعيسى، والدليل على ذلك: أن ورقة بن نوفل قد تنصر، وكان يوحد ربه جل في علاه ويعبد الله بشريعة موسى، وهذه العبادة كانت في وقتها صحيحة؛ فيتعبد بأي شريعة من الشرائع، سواء شريعة موسى أم شريعة عيسى، فالغرض المقصود: أن يوحد ربه جل في علاه.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما دخل الكعبة وجد تصاوير إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام -لتعلم أنهم كانوا يأخذون بدين إبراهيم- فقال:(والله لقد كذبوا عليهما، ما استقسما بالأزلام قط).
وقالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها:(يا رسول الله! عبد الله بن زيد بن جدعان كان يكرم الضيف ويتصدق ويفعل الخير، فهل له من شيء في الآخرة؟ قال: لا شيء له، قالت: لِمَ يا رسول الله؟! قال: إنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين)، فكيف عرف أن الله يأخذ بالذنب ويغفر إلا من شريعة إبراهيم عليه السلام التي بلغتهم.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه الرجل يقول:(يا رسول الله! أين أبي؟ قال: أبوك في النار، فتمعر وجه الرجل أمام الصحابة الكرام، فقال صلى الله عليه وسلم: إن أبي وأباك في النار) وهذا في الصحيح، فهذا تصريح بنص في محل النزاع.