هناك فرق بين الطيرة والفأل: فالفأل: هو أن تتفاءل بالكلمة الحسنة، كأن تذهب مثلاً إلى العمل فتجد رجلاً يقول: يا رابح! فيطمئن قلبك وتسير قدماً إلى هذا العمل، لعل الله جل وعلا يرزقك رزقاً واسعاً.
والفأل جزء من الطيرة، لكن الفرق بينهما يتجلى في أمور ثلاثة: فالتطير منهي عنه شرعاً، والفأل مأمور به شرعاً، والدليل على أن الإنسان مأمور بالتفاؤل: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الطيرة شرك، وكان يعجبه الفأل)، والكلمة الطيبة من الفأل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ينظر في أمير الجيش، ويسأله ما اسمك؟ فإذا وجد اسمه حسناً جعله أميراً للجيش؛ تفاؤلاً بذلك.
فهذا هو الفرق الأول.
الفرق الثاني: أن التشاؤم سوء ظن بالله والعياذ بالله، وسوء الظن بالله من أظلم الظلم، وفيه جهل بصفات الله تعالى، وأما التفاؤل ففيه حسن ظن بالله، والإنسان مأمور أن يحسن الظن بالله إلى الممات، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)، وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في مسند أحمد - قال:(أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء، فإن كان خيراً فله، وإن كان شراً فله).
الفرق الثالث: أن المتفائل يأخذ بالأسباب الشرعية التي شرعها الله جل في علاه؛ لأنه يأخذ بها ليطمئن قلبه بالفأل والكلمة الطيبة، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل بالكلمة الطيبة، ففي الحديث:(وكان يعجبه الفأل).
أما المتشائم فإنه يعتمد على أسباب لم يشرعها الله جل في علاه؛ لأن قلبه ينقبض عن العمل بالبوم أو الغراب أو غير ذلك من الأسباب التي لم يشرعها الله جل في علاه: والتفاؤل والتشاؤم يلتقيان في أمر واحد وهو: التأثير، أما الفأل فيؤثر في الرجل الذي يريد أن يمضي قدماً في العمل فيطمئن أكثر، ويزداد سروراً بالكلمة الطيبة، بل يزداد قوة في هذا العمل.
والتشاؤم أيضاً يؤثر في العبد، لكنه يؤثر عليه سلبياً؛ لأنه يبتليه بالهم والحزن وغيره، فينقبض إذا وجد البوم أو الغراب فلا يسافر، وإذا وجد أحداً يقول: يا فاسق! لم يعمل هذا العمل، فيأتي التأثير فيهما معاً، لكن التأثير الأول له سبب شرعي، والآخر ليس له سبب شرعي.