للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر صفة العلو وأقسامه]

واليوم نتكلم بإذن الله عن الصفات الفعلية التي أولها: صفة الاستواء أو العلو, والعلو علوان: علو مطلق, وعلو مقيد.

فالعلو المطلق: هو علو الذات, وهذا قبل أن يخلق الخلق, وقبل أن يخلق العرش, فهو علي بذاته سبحانه جل في علاه, وهو علي في قهره, علي في شأنه, رفيع الدرجات، كما قال الله تعالى: (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ} [غافر:١٥]، وقال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:١٨]، فله العلو المطلق سبحانه جل في علاه.

والعلو المقيد: هو الذي يتكلم عنه مصنفنا اليوم, وهو الاستواء على العرش, كما قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥]، فاستوى، أي: علا وارتقى سبحانه وتعالى.

والاستواء في اللغة يأتي على معان ثلاثة: فهو يتعدى بنفسه, ويتعدى بإلى, ويتعدى بعلى.

فإذا تعدى بنفسه فمعناه: أنه بلغ المنتهى, تقول: استوى الطعام، أي: بلغ منتهاه في النضج.

وإذا تعدى بإلى فمعناه: القصد لا العلو، كما قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة:٢٩]، أي: قصد السماء فخلقها سبع سماوات, وقال لها هي والأرض: ائتيا طوعاً أو كرهاً، (قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١].

إذاً: استوى إذا تعدى بإلى يكون معناه: القصد لا العلو, حتى نرد على أهل البدعة والضلالة.

وإذا تعدى هذا الفعل بعلى فمعناه: علا وارتفع, قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥]، أي: علا وارتفع على العرش، ويفهم من هذه الآيات: أن الاستواء على العرش كان بعد خلق السماوات والأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>