بينا في القواعد المهمة في الصفات: أن الذي يضاف إلى الله نوعان: إضافة أعيان قائمة بذاتها، وإضافة معاني.
أما إضافة الأعيان: فهي الأعيان القائمة بذاتها: كتسمية الكعبة: ببيت الله، فإن البيت يضاف إلى الله تشريفاً وإجلالاً وتعظيماً كما قال تعالى:{نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا}[الشمس:١٣]، فإضافة الناقة إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق؛ لبيان التشريف والإجلال والتعظيم، كما قال تعالى:{إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}[النساء:١٧١]، فهل هي إضافة صفة إلى موصوف أم هي إضافة مخلوق لخالق؟ إضافة مخلوق لخالق، لكن إضافتها إلى الله إضافة تعظيم وتشريف.
وأما إضافة المعاني: فليست قائمة بذاتها، كأن تقول مثلاً: القرآن كلام الله، فهل الكلام عين قائمة بذاتها؟ لا، بل هو معنى، فإضافة المعنى إلى الله: هي إضافة صفة إلى موصوف، وهنا يقول ابن خزيمة: إن صورة الله في هذا الحديث مخلوقة، وكأنه يقول: إنها صورة آدم ولكنها مضافة إلى الله لغرض الإجلال والتشريف؛ لأنها إضافة مخلوق إلى خالق، وهذا التأويل بعيد جداً، والتأويل الصحيح الراجح الذي عليه المحققون من أهل السنة والجماعة: أن الصورة صفة خبرية من صفات الله جل وعلا، وأن الضمير يعود على الله، يعني: خلق الله آدم على صورة الله، وقال:(خلق الله آدم على صورة الرحمن)، فنؤمن إيماناً جازماً ونعتقد اعتقاداً صحيحاً كما اعتقد الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وابن قتيبة وكثير من أهل السنة والجماعة فنقول: إنها صفة له جل وعلا، وما لنا ألا نؤمن بها؟ فاليد والسمع والبصر صفات من صفات الله جل وعلا، وعلينا أن نؤمن بها بلا شك، كما أننا نقرر القاعدة التي تقول: الصورة في اللغة معلومة، والإيمان بها واجب، والكيف مجهول، والسؤال عن كيفيتها بدعة، فالصورة مضافة إلى الله إضافة صفة إلى موصوف، فيكون الضمير هنا عائداً على الله جل وعلا، وتعضد الرواية الأخرى هذا القول: وهي قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله خلق آدم على صورة الرحمن)، فالصورة صفة من صفات الله جل وعلا الخبرية، ومعنى ذلك: أن لله صورة لا تشبه صورة الإنسان، فلله صورة تليق بجلاله وكماله وعظمته وبهائه، فهو سميع بصير، قدير متكلم بما شاء في أي: وقت شاء، له رجل وساق وقدم، وله يد وأصبع، فهذه هي صورة الله جل في علاه، كما أن لآدم صورته، فهو سميع بصير متكلم بما شاء وقت ما يشاء، وهذا إجمالاً هو الراجح من أقوال أهل العلم.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.