[الفوائد المستنبطة من حديث: (سبقت رحمتي غضبي)]
نذكر بعض الفوائد المستنبطة من بعض الأحاديث التي رواها المصنف كما يلي: أولاً: الحديث الأول, قوله: (سبقت رحمتي غضبي)، فيه صفتان فعليتان ثبوتيتان: صفة الرحمة وصفة الغضب.
وضابط الصفة الفعلية أنها تتعلق بالمشيئة وبالأحكام وتتجدد، أي: إن شاء رحم وإن شاء لم يرحم سبحانه وتعالى.
وصفة الرحمة هي صفة عامة وصفة خاصة, فهي خاصة في الآخرة, أما في الدنيا فهي رحمة عامة مطلقة تشمل الكافر والمؤمن.
والله يرحم الكافر أولاً بأنه يهديه إلى طريق الرشاد, وهذه هداية البيان والدلالة, وإنزال الآيات البينات الباهرات يعتبر من رحمة الله به, ويشفيه إذا مرض, ولا يمنعه من خير في هذا الكون, فيعطيه المال والطعام, بل ويزيد له في ذلك في الدنيا, فرحمة الله تعم الكافر والمؤمن في الدنيا وتخص المؤمن في الآخرة.
وغضب الله جل وعلا صفة فعلية من الصفات التي تتعلق بمشيئة الله جل وعلا كما في الحديث الصحيح وهو حديث الشفاعة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (إن الله غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله قط، ولن يغضب مثله بعده) وفي هذا دلالة على أن الله يغضب يوم القيامة.
وهنا لفتة لطيفة جداً وهي: (سبقت رحمتي غضبي) وهذا من فقه التعبد لله بأسمائه الحسنى والصفات العلى, أن تهرب من الله إليه, ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك) وأن تستعيذ بالله منه, وأن تستعيذ بصفة من صفاته، فتقول: أعوذ برحمتك من غضبك, فإن رحمتك قد سبقت غضبك.
فالمؤمن يهرب من صفة إلى صفة أخرى, أعوذ بمعافاتك من عقوبتك.