[فوائد مستنبطة من قوله تعالى:(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه)]
قول الله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}[الكهف:٢٨]، قال المفسرون: فيها إشارة إلى أن العمل لا يقبل إلا بالإخلاص، ومما يؤكد ذلك ما ثبت في الصحيحين أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:(يا رسول الله! أرأيت الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل للمغنم أي ذلك في سبيل الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله)، فابتغاء وجه الله جل وعلا دلالة على أهمية الإخلاص، وأن العمل لا يقبل عند الله جل وعلا إلا بالإخلاص، ومعلوم أن العمل لا بد له من شرطين: الشرط الأول: الإخلاص، والشرط الثاني: متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الله تعالى:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا}[الكهف:١١٠] أي: متبع فيه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، {وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:١١٠] أي: مخلص لوجه الله الكريم.
كما يستنبط من قوله تعالى:{وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ}[الكهف:٢٨]، الحرص على مصاحبة الجليس الصالح، والنفور عن جليس السوء؛ لأن الجليس الصالح إما أن يذكرك بآية أو بحديث أو يرشدك لعلم قد جهلته أو يتعلم منك علماً جهله هو، فتفوز أنت ويفوز معك، بخلاف جليس السوء الذي يقودك إلى المعصية والرذيلة.
ويستنبط أيضاً من هذه الآية أنك إذا خاللت فينبغي أن لا تخالل إلا العالم السلفي ولا تخالل المبتدع ولا الذي لا يتخذ كتاب الله جل وعلا ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم منهجاً له؛ لأنك إما أن تبتدع كما ابتدع ثم لا تقبل توبتك عند الله جل وعلا؛ لأن الله جل وعلا حجب التوبة عن كل مبتدع، وإما يحيّزك عن كتاب الله، وإما أن لا يربطك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.