للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اختلاف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في الدنيا]

وهنا مسألة عن الرؤية وهي: هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه في الدنيا أم لا؟! اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه في الدنيا عندما عرج به، واستدل القائلون بذلك بقول الله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم:١٣ - ١٥].

واستدلوا أيضاً بقول ابن عباس لما سئل: هل رأى محمد ربه؟! قال: رأى ربه مرتين.

وبقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: (هل رأيت ربك؟ قال: نور إني أراه) فأثبت رؤية الله جل وعلا، كأنه يقول: الله نور ووجه الله نور فإني أراه.

والقول الثاني -وهو قول الجمهور من أهل العلم-: أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم ير ربه، ولذلك ورد عن عائشة بسند صحيح عندما قيل لها: (إن أقواماً يقولون: إن محمداً رأى ربه؟ فقالت: من قال إن محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية) يعني: أعظم على الله الكذب، والكذب هنا بمعنى الخطأ.

وأيضاً ردت على من قال بأن الله يُرى في الدنيا لقوله تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم:١٣ - ١٤]، فأولت ذلك وقالت: المراد بذلك جبريل، فقد رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين على صورته، فأما المرة الأولى فعندما نزل من الغار، فوجد جبريل يجلس على كرسيه في السماء ورجله في الأرض، ولما رآه رعب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (زملوني، زملوني، دثروني دثروني).

والمرة الثانية: عندما عرج به إلى السماء السابعة، فرأى جبريل عليه السلام على صورته، فهذا تأويل الآية {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} [النجم:١٣ - ١٤].

وأما الرؤية القلبية فتقر بها عائشة ويقر بها ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه.

والحديث الذي احتج به الجمهور حديث في الصحيحين وهو لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل رأيت ربك؟ قال: نور أنى أراه) فـ (أنى أراه) بمعنى: كيف أراه وحجابه النور؟ وهذا أيضاً مصداق لهذا الحديث العظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>