من قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر، والقاعدة التي قعدناها أن الذي يتجرأ على التكفير فهو جاهل؛ لأن الكفر هذا إلى الله جل وعلا، ولا يستطيع أحد أن يتجاسر عليه، لكن القول قول كفر والفعل فعل كفر، والقائل ليس بكافر إلا أن تقام عليه الحجة وتزال عنه الشبهة، فمن قال: إن القرآن مخلوق فقد كفر، يعني: قوله قول كفر؛ لأنه كذب القرآن ومن كذب القرآن فقد كفر؛ لأن القرآن كلام الله جل وعلا، قال تعالى:{وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ}[التوبة:٦]، فأضاف الكلام لله جل وعلا، فهذا تكذيب بالقرآن والتكذيب بالقرآن كفر؛ لأنه تكذيب لله، قال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا}[النساء:٨٧]، وقال تعالى:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء:١٢٢].
الأمر الثاني: أنه أنزل الخالق منزلة المخلوق، وقد قال نعيم بن حماد شيخ البخاري: من شبه الخالق بالمخلوق فقد كفر، فإذا كان يقول: القرآن مخلوق.
فقد شبه الخالق بالمخلوق.
والثالثة: إجماع الأمة على أن القرآن هو كلام الله وهذا ثبت ثبوتاً قطعياً، والإجماع إذا كان مستنده الثبوت القطعي أو الدليل الذي ثبت قطعياً فإن مخالفه يكفر، وهذا هو الراجح.
وبعض العلماء يقولون: حتى ولو ثبت بآحاد الأدلة، أي: لو كان الإجماع مستنده لحديث آحاد، يكفر من خالفه، والصحيح الراجح: أنه لا يكفر.
وهذا التفصيل البديع فصله الجويني وهو الراجح عند المحققين من أهل الأصول، أن مخالف الإجماع لا يكفر إلا إذا كان الإجماع مستنده الدليل القطعي، وهذا دليل قطعي فقد أجمع أهل السنة والجماعة على أن القرآن كلام الله.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.