إذاً أخي الكريم! إذا اعتقدت اعتقاداً جازماً صحيحاً بأن لربك عيناً وهي من صفات الكمال والجلال والعظمة لله جل وعلا -وهما عينان-، فلازم ذلك أن الله يرى بهذه العين، فكن كريماً يا عبد الله! فإذا علمت أن الله جل وعلا يرى بعينه فلا بد عليك أن تعتقد أن رؤية الله تحيط بكل شيء، فإذا خلوت يوماً فلا تقل: خلوت ولكن قل: ربي يراني، وإذا نظرت ببصرك إلى محرم وما منا من أحد يفوت من هذا، ونستغفر ربنا ونعلن توبتنا وخير الخطائين التوابون، لكن الغرض المقصود أن المرء إذا نظر ببصره إلى محرم فليعلم بأن لله جل وعلا عيناً، وأن الله ينظر إليه بهذه العين، وأن الله يراه ويسبق بصر الله بصره عندما ينظر إلى الحرام، فيستحي العبد ويكون كريماً، فلا ينظر إلى محرم، وإذا نظر تاب وآب واستغفر، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(دعه؛ فإن الحياء من الإيمان)، بل كل الإيمان حياء، والحياء لا يأت إلا بخير، فإذا اعتقدت هذا الاعتقاد الجازم الصحيح فكن كريماً واستح من ربك؛ فإن الله ينظر إليك إذا أطلقت بصرك إلى ما حرم الله جل وعلا.
وأعلم أن لربك غيرة كما أن له عيناً ينظر بها، فإذا رأى الله جل وعلا بعينه عبده يفعل الفاحشة فإن الله جل وعلا له غيرة، ومن غيرة الله أنه وضع حاجزاً وحداً بينك وبين الحرام، وهذا الحاجز اعتقادك الصحيح بأن الله يراك.