أما الأدلة من السنة النبوية فقد بلغت حد التواتر في رؤية الله جل وعلا، ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم:(أنه جلس مع أصحابه فسأله سائل: هل نرى ربنا؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل تضارون في القمر ليلة البدر -يعني: في رؤيته-؟! قالوا: لا، قال: هل تضارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟! قالوا: لا، قال: إنكم سترون ربكم كذلك) فهنا تشبيه الرؤية بالرؤية، لا تشبيه المرئي بالمرئي.
وأيضاً في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنكم ترون ربكم لا تضامون في رؤيته) فـ (تضامون) روي بالتشديد والتخفيف، فرواية التخفيف (لا تضامُون) يعني: لا يصيبكم الضيم، أي: كلٌ سيرى الله جل وعلا.
و (لا تضامُّون) بالتشديد يعني: لا ينضم بعضكم إلى بعض فيحدث المزاحمة برؤية الله جل وعلا، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا جميعاً ممن ينظر إلى ربه جل وعلا، وهو راض عنا بذلك.
وأيضاً قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن صهيب:(عندما يدخل أهل الجنة الجنة يقول الله تعالى: يا أهل الجنة! فيقولون: لبيك وسعديك، فيقول: يا أهل الجنة! هل تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تدخلنا الجنة؟ ألم تنجنا من النار؟ ألم تبيض وجوهنا؟ فيكشف الله جل وعلا الحجاب فينظرون إلى وجه الله الكريم)، فأنعم ما ينعمون به هو رؤية الله جل وعلا فينسون كل نعيم، فكل ما في الجنة من نعيم ولذة هو في طي النسيان في مقابل رؤية وجه الله الكريم، اللهم ارزقنا ذلك يا رب العالمين.
فلا بد للإنسان أن يوطن نفسه حتى يرتقي بقلبه شوقاً للذي فوق العرش سبحانه وتعالى؛ لأنه سينظر إلى وجه الله الكريم، والنظر إلى وجه الله الكريم لا يصل إليه أي أحد؛ فإن الله يغار ومن غيرة الله أنه لا يجعل الإنسان يرتقي إلى هذه المنزلة إلا من استحقها، فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة، فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا ممن ينظر إلى وجهه الكريم.
وأيضاً في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين العباد وبين رؤية ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه جل في علاه) فرداء الكبرياء إذا كشفه الله جل وعلا نظر المؤمنون إلى وجه الله، وبالنظر إلى وجه الله يزول كل نعيم مقابل هذا النعيم، رزقنا الله وإياكم النظر إلى وجهه الكريم.